سلاماً برهان علوية وأنت تنسحب من عالمنا... لكنّ السينما السورية وأنا لن ننساك أبداً. وأنت من فرسانها الذين رحلوا أيضاً، من توفيق صالح إلى نبيل المالح إلى عمر أميرالاي؛ ما جمعكم بذاك هو الالتفاف العميق والأساسي في الرؤية والتفكير وفي توجّهكم إلى الواقع، بألوانه الحقيقية في موجة بهية من السينمائيين العرب في مصر والجزائر والمغرب، أسّست لنا ومن خلال «مهرجان دمشق لسينما الشباب» ما أسميتموه «بيان السينما البديلة» الذي صوّب لنا توجّهاً في العمل كجيل سينمائي. كان ذلك في زمن سعت فيه السينما السورية للبحث عن نفسها... كانت الأفلام التي حققتموها لهذه السينما السورية أمثلة وبوصلة. وفيلمك «كفر قاسم»، وفيلم «المخدوعون» لتوفيق صالح بَدَوَا كـ «محرابين» أضاءا لنا درباً وفياً للسينما ومهمّاتها.
لا شك في أن العصف الذي حدث للسينما السورية والحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت في عام 1975، قاداك إلى المنفى وأخذا بك إلى فيلمك «رسالة من المنفى» وما قبله وبعده، كما لعب المنفى دوراً في توجّهك السينمائي إلى موضوعات أخرى مختلفة. لكنّها لم تُبعدك أبداً عمّا طمحت إليه دائماً وما أكّدته رؤيتك للواقع في السعي دائماً للتعبير عن القضايا التي تُشغل إنساننا في زمنه الراهن وفي تألّق البصيرة الذاتية للتعبير عن هذا الزمن، هنا أو هناك. وأرى أن فيلمك «لا يكفي أن يكون الله مع الفقراء» عن المعماري النادر حسن فتحي يضيء بعضاً من وفائك لروحك السينمائية.
تبقى تجربتك السينمائية يا برهان، المتحقّق منها والباقي على الورق لا يجد من ينتجه إلا برهاناً على ما آلت إليه هذه السينما اليوم، ليس في سوريا ولبنان فقط، بل في المنطقة العربية كلّها.

* مخرج سينمائي سوري