في حلقة الثلاثاء الماضي من برنامج «الاتجاه المعاكس» على «الجزيرة»، حضر كالعادة عضو مجلس الشعب شريف شحادة ليدافع عن النظام السوري في مواجهة عضو «الائتلاف الوطني السوري المعارض» لؤي المقداد. صحيح أن الجمهور ملّ هذه التركيبة المكرورة، لكن في تلك الحلقة التي تمحورت حول الهدنة والمصالحة، تفوّق مقدم البرنامج فيصل القاسم على نفسه!
انزلق المذيع السوري بشكل نوعي نحو المزيد من الانحطاط الذي وسم إطلالاته في الآونة الأخيرة. طبعاً، لم تخل الحلقة من الصراخ والعويل، لكن المسلسل الهستيري لم ينته إلا بتسجيل رقم قياسي في الذكورية الممزوجة بوقاحة من نوع جديد. أثناء النقاش، قال القاسم بالحرف الواحد: «دولة كبيرة تديرها امرأة مفعوصة لا تعرف كيف تدير دورتها الشهرية، تعرف عمّن أتكلم». ضحك شريف شحادة ثم صرخ «لا لا لا أنا أحكي سياسة»، بينما أكمل لؤي المقداد المشهد المخزي ليقول: «هو يتكلم عن لونا الشبل»، فتدخّل الإعلامي السوري بحركات غير موزونة أمام الكاميرا ليقول: «لا أتحدث عن أسماء شخصيات بعينها. أنا أتحدث عن دولة تديرها ثلاث نساء»، ثم عاد ليكرّر جملته المقيتة إياها بكل ثقة!
استمرت الحلقة بشكلها الطبيعي أي ضمن الموجات المتتالية من الصراخ وتبادل الاتهامات بين ضيفين بات الجمهور السوري يعرف جيداً أنهما يطلان على الشاشة القطرية دورياً متنطحين للدفاع عن الشعب، بينما لا يفكر أي منهما سوى بالبدل المادي الذي يتقاضاه بعد كل إطلالة. سريعاً، وصلت مشاهدة الحلقة على يوتيوب إلى نحو 19 ألفاً من دون أن يتنبه أحد لما فعله الثلاثي المرح.
أما في ما يخص القاسم، فالكل بات يعرف دوره التحريضي ومتاجرته بدماء السوريين وتجييرها لصالح برنامج لم يسجل منذ سنوات إلا السقطات الأخلاقية والمهنية، علماً أنّ البرنامج كان قد دخل غرفة الإنعاش قبل الأزمة السورية، فإذا بالقاسم يجد فرصة ذهبية مع بدء الحوادث، وراح يصفي حساباته الشخصية مع النظام السوري كما قال هو في الحلقة الأخيرة.
وكالعادة، توجه القاسم أمس نحو صفحته الشخصية على الفايسبوك التي يتابعها أكثر من نصف مليون ليخبر جمهوره أن موضوع حلقته المقبلة سيكون عن النظام المصري، وهو ما يفعله عادةً بعد مجموعة من حلقات متتالية معدة للهجوم على النظام السوري. يحقّ القول إنّه رغم ما قدمه مذيع «الجزيرة» من مؤشرات وبراهين تؤكد أنّه «عرّاب الخطاب السوقي» و«مؤسس برامج المصارعة الحرة على شكل توك شو» ورغم كل الانحلال الإعلامي الذي عانى منه منذ اندلاع «الثورة» السورية، إلا أنّ الحلقة الأخيرة تجاوزت كل ما سبق. لو كان هناك عاقل واحد في مكاتب المسؤولين عن قناة «الرأي والرأي الآخر» لحاسب القاسم عما تبجح به من عنصرية وإهانة مباشرة للمرأة بشكل عام.



«الاتجاه المعاكس»: كل ثلاثاء 22:05 على «الجزيرة»