عندما تشمل قائمة بعض أكثر الأفلام التي تدور أحداثها في الجامعات شهرة أعمالاً كـ Animal House وOld School وLegally Blonde ، من الممكن القول إنّ الثقافة الشعبية لم تقم بعمل رائع في تصوير التعليم العالي. The Chair (رئيسة القسم ــ كتابة أماندا بيت وآني جولي وايمان/ حائزة شهادة دكتوراه من جامعة هارفرد) ليس مثالياً أيضاً، ولكن على الأقل تحاول سلسلة «نتفليكس» الدرامية الجديدة تصوير الجانب الأكاديمي بشكل الصحيح.حالما بدأ عرضه على منصة البثّ التدفّقي الأميركية في 20 آب (أغسطس) الماضي، سلّط العمل الضوء على مواضيع مهمّة تتضمّن التمييز على أساس الجنس والتفرقة على أساس العمر والعنصرية، مع إيلاء أهمية بالغة لعدم المساواة بين الجنسين في أماكن العمل الأبوية في كثير من الأحيان، وتتعمق في كيفية إجبار النساء ذوات البشرة الملونة، على وجه التحديد، على اجتياز معايير شبه مستحيلة وتحديات لن يضطر نظراؤهن من الذكور البيض مطلقاً إلى تحمّلها أو تفهّمها.
على مدار أكثر من عقدين من مسيرتها الفنية، جسّدت ساندرا أوه شخصيّات عدّة علقت في ذاكرة الناس، على رأسها «كريستينا يانغ» في مسلسل Grey›s Anatomy لكن دور «جي - يون كيم» في The Chair يشكّل تجربة متفرّدة للممثلة الكندية ــ الأميركية الحائزة جائزة «غولدن غلوب».
في تصريح إعلامي قبيل إطلاق العمل المؤلف من ست حلقات (لا تتعدّى مدة كلّ منها نصف الساعة)، تقول أوه: «أشعر أنّ جي ـــ يون هي أقرب شخصية لنفسي قمت بأدائها على الإطلاق. هناك شيء ما في الطريقة التي كتبتها بها أماندا (أماندا بيت التي شاركت في تنفيذ الإنتاج أيضاً). كان الأمر كما لو أنّها كانت تعبّر عني».
في إطار من الـ «دراميدي» (دراما وكوميدي)، يتتبّع المسلسل هذه الشخصية الرئيسية التي تصبح أول امرأة ملوّنة تتولّى رئاسة قسم اللغة الإنكليزية في «جامعة بيمبروك» في نيو إنغلاند. في منصبها الجديد، تحاول تلبية المطالب المذهلة والتوقعات الكبيرة للقسم الفاشل الرازح تحت سيل من المشاكل التي لا تنتهي.
إلى جانب ساندرا أوه، يشارك في بطولة العمل الذي أخرجه دانيال غراي لونغينو، كلّ من: هولاند تايلور، جاي دوبلاس، بوب بالابان، إيفرلي كارغانيلا، رون كروفورد، مارسيا ديبونيز وجاي دوبلاس.
تشمل المسائل التي يطرحها The Chair كذلك صراعات الأمّهات والآباء العازبين، الألم الناتج من رعاية والد مسنّ، موت الزوج/ة، أن يكون المرء عالقاً بين ثقافتين، ثقافة الإلغاء التي تعزّزها الهواتف الذكية المستعدة لتسجيل خطأ وإنهاء حياة شخص ما المهنية في غضون دقائق وغيرها.
تتطابق سرعة الوتيرة والحيوية أحياناً بشكل مثالي مع ما يحدث في حياة البطلة


تكمن قوّة المسلسل في أنّه يعالج كل هذا في رحلةٍ سريعة الإيقاع وبروح الدعابة الحادّة والمكتوبة بذكاءٍ شديد، إلى جانب أداء الممثلين المتمكّن.
تتطابق سرعة الوتيرة والحيوية في بعض الأحيان بشكلٍ مثالي مع ما يحدث في حياة «جي ــ يون»، إذ في كلّ مرة تنعطف فيها تجد «حريقاً» لإخماده قبل أن ينقل لها هاتفها المحمول أخباراً عن «حريق» آخر.
مجلة «ذا أتلانتيك» وصفت المسلسل بأنّه «أفضل إنتاجات نتفليكس الدرامية منذ سنوات»، فيما تحدّثت صحيفة «واشنطن بوست» عن «استكشاف في الوقت المناسب لكيفية مقاومة المؤسسات غالباً للمقاربات الجديدة والمرشحين المتنوعين، حتى ولو كان على حساب الجماعة».
في مقابل الإيجابيات الكثيرة التي يمكن تعدادها والتي دفعت بالبعض لبدء الحدث عن موسم ثانٍ، من الملاحظ أنّه بالنسبة لسلسلة كوميدية، لا توجد نكتة واحدة تثير أكثر من نصف ابتسامة. وبالنسبة لعمل يأخذ على محمل الجدّ أهمية التعليم الحرّ للفنون والأدب، فإنّه ينكر بشدّة قدرة طلاب الجامعات على التفكير النقدي. على سبيل المثال، خلال محاضرة عن الفاشية والعبثية، يعلّق الأستاذ «بيل دوبسون» (جاي دوبلاس) بتهوّر على هتلر بطريقة ليست مجرّد مزحة ولا مرجعية في الوقت نفسه. تنتشر شائعة مفادها أنّ «بيل» مؤيد للنازيّين الجدد في جميع أنحاء الحرم الجامعي ــ وهي حبكة فرعية لا يمكن أن تتطوّر إلّا إذا «استيقظت» عصابة شديدة الحساسية من كوابيس اليمين لا يمكنها التمييز بين حالة غير حكيمة قائمة على تحيّة هتلر والولاء الأيديولوجي لقناعات الإبادة الجماعية لشخصية تاريخية.
تحيلنا أجواء «رئيسة القسم» أحياناً إلى مسلسل Togetherness لـ HBO. وهو أمر منطقي بما أنّ أماندا بيت شاركت في بطولته فيما كان جاي دوبلاس ضمن فريق المؤلّفين. يوضح هذا المسلسل كيف تعمل كل الشخصيات ــ سواءً كنت ابنة أم عزباء مشغولة أو طالبة محبطة أو باحثاً قلقاً من أنّ تقدّم العمر يشكلّ عائقاً ــ في عالم يبدو قريباً جداً من الحياة الواقعية: مضحك، حزين ودائم الفوضى. وفيه، يكون أفضل ما يمكنك أن تتمناه هو مكان للاستقرار. مجرّد عالم لا ينهار تماماً تحت أقدامك.

«رئيسة القسم»
متوافر على «نتفليكس»