رغم الاحتفال الرسمي بعيد الشرطة، صباح السبت الماضي، بهدف الفصل زمنياً بينه وبين الاحتفال بالذكرى الخامسة لـ«ثورة 25 يناير»، إلا أنّ تغطية الفضائيات المصرية طوال يوم الاثنين وضعت ذكرى الثورة في المرتبة الثانية. في صباح ذكرى «يناير»، نشرت جريدة «الأهرام» حواراً متخيلاً مع رضيع استشهد والده ضابط الشرطة إثر عملية إرهابية (الأخبار 25/1/2016)، فيما معظم القنوات الخاصة خصصت مساحات أكبر للاحتفال بعيد الشرطة، وجاءت ذكرى «يناير» في المرتبة الثانية أو لم تجئ أصلاً، وخصوصاً في القنوات التي تعاديها كـ«صدى البلد» و«الفراعين». الأداء الإعلامي في ذلك اليوم عكس نية مبيتة في استعادة الشرطة عيدها بالكامل، وخصوصاً أنّ تظاهرات «ثورة يناير» كانت تعارض أداء الشرطة العنيف تجاه المواطنين، قبل أن تتحول الهتافات إلى «الشعب يريد إسقاط النظام» و«يسقط حسني مبارك». «الأهرام» أقدم جريدة مصرية لم تخجل من نشر حوار متخيل مع رضيع توفي والده وهو في بطن أمه بسبب الإرهاب. دافع محرر الجريدة جمال الكشكي عن الحوار، لكنّ أحداً لم يبرّر سبب عدم اهتمام «الأهرام» أيضاً بأبناء شهداء «ثورة 25 يناير» والتأكّد من حصولهم فعلاً على كامل حقوقهم التي أعلنها المجلس العسكري لتهدئة الشارع الثائر في ذلك الحين.
تركيز على الاحتفال بعيد الشرطة
صحف كـ«المصري اليوم» و«الشروق» ركزت على إحياء ذكرى الثورة، كما ينبغي مهنياً، لكنّها ظلّت الأخفض صوتاً، فيما اختارت أصوات محدودة الانحياز للثورة على الشاشات؛ في مقدمها الإعلامي إبراهيم عيسى الذي هاجم عبر شاشة «القاهرة والناس» كل المنتقدين للثورة، فيما وصف المخرج خالد يوسف عبر قناة «سي. بي. سي. إكسترا» من يشوه الثورة بأنه جاهل. وطالب وائل الابراشي عبر قناة «دريم» بعدم تكرار سيناريو الفزع من ذكرى الثورة في العام المقبل. لكن الإعلامي عمرو أديب لخص الموقف أكثر بقوله إنّ المواطنين الذين كانوا في ميدان التحرير أول من أمس كانوا يحتفلون بـ«30 يونيو» لا بـ«25 يناير»، مؤكداً أنّ «ثورة يناير» هي أول ثورة في التاريخ لا يحتفل بها أحد. وأضاف في برنامج «القاهرة اليوم» على شاشة «اليوم» أنّ «الدولة المصرية وأغلبية الناس في مصر لا يحبون 25 يناير». وواصل: «كل الأسماء الهامة على الساحة السياسية اليوم لما كانت موجودة لولا 25 يناير، ولكن هناك حالة من النفاق كبيرة». اللافت أن التجاهل الإعلامي شبه التام جاء رغم توجيه الرئيس المصري كلمة صباح الأحد حيا فيها شهداء «ثورة يناير». لكن كلمات الرئيس المؤيدة ليناير تتعارض دوماً مع أهواء العديد من الإعلاميين والصحافيين. مثلاً، قال أحمد موسى على قناة «صدى البلد» إنّ الثورة الحقيقية هي «30 يونيو»، فيما خرجت الكاتبة والسيناريست لميس جابر التي عيّنها السيسي نفسه في مجلس النواب، لتؤكد أن متظاهري يناير قتلوا بعضهم بعضاً لتوريط حسني مبارك! أمر أعاد حالة الفوضى الإعلامية الهادفة إلى تنفير الرأي العام من الثورة، والعمل على استعادة الشرطة عيدها كاملاً من دون منغصات.