ستة أشهر مرّت على عرض قناة lbci الحلقة الثانية من برنامج «استقصاء» (انتاج Shoot production ــ الأخبار 16/2/2014) الذي تناول قضية الإتجار بالأطفال، راصداً العيادات الطبية وصولاً الى زحلة، حيث «رهبنة سيدة الخدمة الصالحة»، واستدراج فريق البرنامج للرئيسة العامة الأم باسكال خضرا لـ «إثبات تورطها في الاتجار بالأطفال».
وبعدما قرر القضاء «حفظ» الملف قانونياً لخلوه من «المعطيات الجرمية»، اجتمع مدير «المركز الكاثوليكي للإعلام» الأب عبده أبو كسم، والأم خضرا ورئيس «أساقفة بعلبك الهرمل للروم الملكيين» المطران الياس رحّال، والمسؤول عن قسم التلفزيون والسينما في اللجنة الأب سامي بو شلهوب، وإعلاميون وراهبات من الدير في المركز أول من أمس. كل هؤلاء ألّفوا جبهة هجوم على الصحافي الاستقصائي فراس حاطوم وlbci، وأبرز الاتهامات وجّهها الأب أبو كسم، الذي وصف البرنامج بـ «المنحرف»، وبـ «المحكمة الميدانية التي تطلق الأحكام على الناس والشاشات، وتعدمهم معنوياً». وقرّر الحاضرون تقديم دعويين ضد البرنامج: واحدة متعلقة «بالقدح والذم»، والثانية بتقديم «أخبار كاذبة وتلفيق أدلة وتزويرها».
في حديثه لـ «الأخبار»، بدا معدّ «استقصاء» فراس حاطوم مطمئناً وواثقاً بما يقوم به في برنامجه الشهري، مستنداً الى الأدلة التي وثّقها بالصوت والصورة من دون أن يتدخّل فيها أو يصدر حكماً عليها. وانطلاقاً من شكوى فردية، قدّمتها إحداهن للبرنامج، لحق حاطوم خيطها الجامع بين الطبيب النسائي والدير. ولتعزيز ذلك، وكما جرى في البرامج الاستقصائية، جرى تصوير الأم خضرا بطريقة سرية ليتبين أنّها «تشجّع الأمهات اللواتي يردن الإجهاض على إعطائها أطفالهن للرهبنة».
في هذه النقطة تحديداً، لم يحكم البرنامج على الأم بسوء النية أو عدمها، بل ترك كلامها كما هو من دون اجتزاء. وتعليقاً على القرار القضائي بـ «حفظ الملف»، قال حاطوم: «من الطبيعي عدم بت القضية بسبب حساسية الملف المتعلّق بالرهبنة». مع ذلك، يضع الصحافي الشاب نفسه بتصرّف القضاء في الدعويين المرفوعتين ضد برنامجه، مع التنويه بأنّه لم يتسلم بعد أي دعوى للاستدعاء. وتأتي هذه الثقة انطلاقاً من اقتناعه «بعمله الصحافي»، وبالمسار الذي رسمه، المبني على كشف الحقائق والمواجهة بالأدلة، لا «التشويه أو انتهاك الحرمات الشخصية». ويشير هنا إلى أنّه أظهرَ وجه الأم خضرا في الحلقة المذكورة مدفوعاً بالقضية الإنسانية أولاً وهي الاتجار بالبشر والنظام الاجتماعي الطبي المتعلق بها، لا للإساءة الى الأشخاص برغم أنّهم «ينوبون عن الدولة في تبني الأطفال اللقطاء».