القاهرة | ودعت القاهرة أمس دلال عبد العزيز التي ووريت الثرى في «مقابر الوفاء والأمل» (مدينة نصر) التي احتضنت أيضاً جثمان زوجها الممثل سمير غانم في أيار (مايو) الماضي. وكانت عبد العزيز قد انطفأت بعد رحلة علاج استمرّت أكثر من ثلاثة أشهر إثر إصابتها بفيروس كورونا، لتلحق بزوجها الذي استسلم للوباء قبل ثلاثة أشهر، من دون أن تعلم هي أنّه رحل. قبل 44 عاماً دخلت الصبية الجميلة دلال عبد العزيز (1960) عالم الفن. الطريق اختارته ابنة مدينة الزقايق عام 1977 لم يكن سهلاً بالنسبة إلى فتاة تنتمي إلى عائلة مقيّدة بعادات وتقاليد الفلاحين المصريين.

الطفلة التي عشقت التمثيل منذ نعومة أظافرها، بدأت ممارسة موهبتها من خلال النشاط المدرسي. بعدها، طلبت من أحد أقاربها الذي كان يعمل في مبنى التلفزيون أن يصطحبها معه لمشاهدة هذا الصرح. وهناك، التقت بالمخرج نور الدمرداش الذي أسند إليها دوراً في مسلسل «بنت الأيام» (1977). رفضت العائلة أن تكمل ابنتها السير على درب التمثيل من دون الحصول على شهادة البكالوريوس، وهي التي كانت على عتبة الالتحاق بكلية الزراعة في جامعة الزقازيق.
بعد التخرج، منحها الدمرداش دوراً في مسلسل «أصيلة» (1980)، الذي تعرّفت في كواليسه إلى الفنان جورج سيدهم الذي شاركت على يده في مسرحية «أهلاً يا دكتور» معه ومع سمير غانم.
لم تكن دلال تتميّز كثيراً عن بنات جيلها، إذ كانت تتمتّع بجمال هادئ خلافاً لليلى علوي أو ميرفت أمين، بينما لم تتمكّن من مضاهاة جرأة إلهام شاهين أو مديحة كامل، كما أنّها لم تقف أمام كاميرات كبار مخرجي السينما لتتعلّم منهم ويطوّرون أداءها ويصقلون موهبتها كما حدث مع يسرا أو نبيلة عبيد. أيضاً، لم ترتبط بمنتج يرفع من أسهمها ويجعلها نجمة مثل نادية الجندي. هكذا، سارت في المنطقة الوسطى التي تناسب تربيتها وشخصيتها. وعندما أحبّت سمير غانم وارتبطت به، كان طريقهما واحداً. فقد شاركته في الحياة وفي الأعمال الفنية التي يقدّمها، حتى أنّها أبت أن تبقى على قيد الحياة بعد رحيله في أيار (مايو) الماضي.
بعد «أهلاً يا دكتور»، جاءت مرحلة انتشارها في الدراما التلفزيونية. شاركت في مسلسلات عدّة منها: «أبواب المدينة»، «أديب»، «عصفور في القفص» وغيرها. تزامناً، استمرّ نشاطها المسرحي في أعمال كـ «هالة حبيبتي»، «فارس وبني خيبان»، «أخويا هايص وأنا لايص»، «حب في التخشيبة» و«جوازة طلياني»...
على الشاشة الكبيرة، شاركت في عشرات الأفلام، كانت غالبيتها مع سمير غانم (في مرحلة أفلام المقاولات)، بين عامي 1980 و1994، قدّمت أكثر من 100 عمل سينمائي وتلفزيوني ومسرحي، تنوّعت بين الكوميديا والتراجيديا والرومانسية والاستعراض وحتى الأكشن. لكنّ التحوّل الحقيقي في مشوارها الفني جاء في 1994 من خلال دور مهمّ في مسلسل «لا» ليحيى العلمي عن قصة مصطفى أمين، حيث جسّدت شخصية «سلوى وهبي».
ومنذ رمضان 1994، بدأت عبد العزيز تأخذ منحى مختلفاً على صعيد الاختيارات التي راحت تُثبت في كلّ منها حجم قدراتها، حتى أعيد اكتشاف موهبتها وهي تقترب من سن الأربعين.
بعد «لا»، واصلت دلال العمل مع الممثل يحيى الفخراني، فحقّقا ثنائياً لافتاً من خلال «علي بابا والأربعين حرامي»، «للعدالة وجوه كثيرة» و«إبن الأرندلي»، وفي فيلم «مبروك وبلبل»، وفي مسرحية «جوازة طلياني».
في الألفية الجديدة، جذبت الأنظار في إنتاجات عدّة، نذكر منها: «حديث الصباح والمساء»، «الناس في كفر عسكر»، «دوران شبرا»، «الهروب»، «سابع جار» وأخيراً «ملوك الجدعنة» في رمضان 2021.
سينمائياً، ولأنّها كانت امرأة تشبه كل أمهات مصر، فقد اختارها النجوم الشباب لتؤدّي دور الأم في أفلامهم (العالمي، آسف على الإزعاج، سمير وشهير وبهير، لا تراجع ولا استسلام، قلب أمه...). وقبلها، اختارها الزعيم عادل إمام للوقوف أمامه في «النوم في العسل».
كما رفيق عمرها سمير غانم، لم تتردّد دلال عبد العزيز في مساندة ابنتيهما دنيا (36 عاماً) وإيمي (34 عاماً) في حياتهما المهنية، وإن كان ظهورها محصوراً في مشاهد قليلة أو كضيفة شرف.
دلال التي لم يخبرها أحد بأنّ حبيبها رحل عن عالمنا، استسلمت أخيراً لمضاعفات فيروس كورونا وأصرّت على اللحاق به وهي في الـ 61 من العمر... كيف لا؟ وهي التي قال لها سمير غانم يوماً: «ده إنتي أجمل حاجة حصلتلي في الحياة»!