ضمن مهرجان «شاشات الواقع»، يُعرض فيلم «كما في السماء، كذلك على الأرض» (2020) لسارة فرنسيس. بالنسبة إلى المخرجة اللبنانية سارة فرنسيس، لا يهم أين هو القمر أو أين نحن موجودون. «كما في السماء، كذلك على الأرض» هو رؤية انطباعية عن الكون والفوضى المنظمة التي خلقها الإنسان ويحاول العيش فيها ومعها. هي محاولتنا للخروج من هذا العالم وخلق عالم مماثل تماماً في السماء وما بعدها. من الصعب وضع قصة الفيلم في إطار أو تلخيصها في كلمات، ليس هناك سرد أو حدّوتة، بل كل شيء هنا يشبه حياتنا. تمشي مجموعة من البشر في سهل يقع خلف الجبال. الغيوم دائماً حوله، والقمر ساطع لا يمكن عدم ملاحظته. يمشي الإنسان هنا وهناك في مكان يشبه الحلم، فيه أرجوحة يجلس عليها الجميع بالتتابع. مجموعة أفراد يتحركون داخل الإطار الصغير الهش، بلا وجهة محددة. نرى بشراً يتحركون طوال الوقت، لا ينطقون بشيء ولا يعبّرون عن أي شيء، لا نعلم حتى إن كانوا على قيد الحياة. بدورها، تروي لنا سارة فرنسيس حقائق وأساطير ومعلومات بطريقة فلسفية عن الكون والإنسان والفضاء والقمر.
فيلم تجريبي وجودي ذو استعارات فلسفية

تجريبي فيلم سارة، بصورة دافئة رمادية، ينقل فيها الصوت المساحات، كما يظل عالقاً في مكانه. لا شيء ملموساً في الفيلم، كالقمر تماماً. كل شيء مشاع للخيال والإبداع والمفاهيم والتجارب الشخصية. «كما في السماء، كذلك على الأرض» فيلم ذكي جداً ومثير للاهتمام، ولكن بلا روح ولا إحساس ولا ذكاء عاطفي. مُتعب بكثرة التساؤلات التي يلقي الضوء عليها، ثم يتجاهلها ويعيد تكرارها. هش ومتقلب، يسعى دائماً إلى التبرير بأنه فيلم ذكي، وهذا واضح ولكن كمية الخطابة في الفيلم حوّلت ذكاءه إلى خطاب فارغ في المعنى والإنجاز.
بعيد فيلم سارة وقريب جداً مثل القمر. اللغة العربية الفصحى المستعملة جافة، أبعدت المشاهد عن المشاعر والأحاسيس المطلوبة والمفقودة في الشريط. أصبح الأخير من خلالها كمقال كبير، ينبغي لنا أن نعيد قراءة الأسطر السابقة لنفهم السطر الذي نحن فيه. صنعت سارة فيلماً لبنانياً تجريبياً وجودياً فيه استعارات فلسفية، في إطار بسيط ضيق ومتواضع في نواياه، لكن بنتيجة نهائية مقيّدة كما الإنسان نفسه. هناك الكثير من التساؤلات والأفكار والحقائق والمعلومات كما لو أن كل ما فيه زائد عن الحاجة.

«كما في السماء، كذلك على الأرض» لسارة فرنسيس: 19:30 مساء 23 تموز (يوليو) ــــ «مسرح وسينما اشبيلية»