لو قلّبت قليلاً صفحات الإعلاميين والمقدمين اللبنانيين على إنستغرام وفيسبوك، لوجدت عشرات الصور لهم في الإمارات العربية المتحدة يقدّمون الشكر والطاعة للأمراء على «حسن الضيافة». هذا الزخم الإعلامي اللبناني في أبو ظبي ودبي، ليس عبثياً أو عفوياً، بل إنّه سعي منهم للهجرة والاستقرار في الإمارات، بعدما بدأت الأخيرة تقدّم العديد من المغريات للوجوه المعروفة، وعلى رأسها منح الإقامة الذهبية للنجوم العرب (ممثلون، مغنون، مقدّمو برامج...). هذه الخطوة الاماراتية تندرج ضمن مخطط إماراتي، فني وسياحي ظاهرياً وسياسي باطنياً، يرمي إلى تعزيز حضور البلد على الساحة كمركز (وواجهة) أساسي للنجوم على اختلاف جنسياتهم. هكذا، وضع المقدّمون اللبنانيون نصب أعينهم الهجرة إلى الامارات، خصوصاً في ظلّ التدهور الاقتصادي وارتفاع سعر الدولار الجنوني مقابل الليرة والأزمات التي لا تنتهي في لبنان، على اعتبار أن القنوات المحليّة تدفع رواتب موظفيها بالليرة اللبنانية أو اللولار، بينما رواتب الخليج بالدولار.في هذا السياق، مصطلح جديد أضيف إلى القاموس اللبناني الذي ولد قبيل وخلال الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد، هو هجرة الإعلاميين من لبنان إلى الامارات. يعتبر الاعلاميون أن حالتهم لا تختلف عن الأطباء والمهندسين والممرضين الذين تركوا لبنان من جرّاء ارتفاع الدولار، على أنّ هذه الهجرة ستظهر انعكاساتها بشكل واضح في برمجة الخريف المنتظرة على القنوات المحلية. لم تكن تردّدات الأزمة الاقتصادية والسياسية الحاصلة في لبنان بعيدة عن الإعلام، بل إنّها عصفت بالمؤسسات الإعلامية التي عانت من غياب التمويل السياسي وجمود سوق الاعلانات. لكن للمرة الأولى يجري الحديث في الأوساط الاعلامية عن «زحف» المقدمين نحو الامارات، والسباق نحو تلميع صورة الخليج وتصويرها على أنّها «حلم كل إعلامي»، إلى درجة يتساءل بعضهم، كيف ستحتوي الامارات هذا العدد الكبير من الاعلاميين الموفدين إليها؟ وفي أيّ قنوات سيعملون؟ وماذا عن مستقبلهم في بلادهم بعدما عملوا سنوات طويلة فيها وبنوا رصيداً لا بأس به؟ كما أن غالبية الشاشات الخليجية (السعودية والاماراتية...) تلجأ إلى خفض موظفيها الأجانب وتوظيف مواطنيها.
في هذا السياق، كان انتقال الاعلاميين بين القنوات المحلية أمراً عادياً في السابق، كما حصل مع ليال الاختيار التي تركت lbci وانتقلت أخيراً إلى قناة «الحرة» في مكتبها في بيروت. كذلك جرّب بسام أبو زيد حظه عندما انتقل لفترة قصيرة من lbci إلى «العربية الحدث» في الإمارات، قبل أن يعود إلى لبنان. في جديد هجرة الاعلاميين، فقد أعلن مالك مكتبي أخيراً حصوله على «الإقامة الذهبية» في الامارات. ولفت مقدم «أحمر بالخط العريض» (قناة lbci) في منشور على إنستغرام في نيسان (أبريل) الماضي متشكّراً الامارات قائلاً «بارقة أمل من بلد يشعرك أنك في بلدك، ويرحّب بك للمساهمة في بناء مستقبلك في دولة المستقبل». تلفت مصادر لنا إلى أن مكتبي يفكّر جدّياً في الهجرة، لأنه في الاساس يتنقّل حالياً بين بيروت وأبو ظبي (ودبي) حيث يجري مفاوضات مع عدد من وسائل الاعلام، من بينها تطبيق «شاهد» للانضمام إليه.
هذه الهجرة ستظهر انعكاساتها بشكل واضح في برمجة الخريف على القنوات المحلية

وتشير المصادر إلى أن مكتبي لم يحسم أمر حضوره في الخريف المقبل ببرنامجه «أحمر بالخط العريض» على lbci، وينتظر الأمر إلى حين اتخاذ قرار. ليس مكتبي الوحيد الذي يفكّر في الهجرة، بل كذلك زميله طوني خليفة. فقد تردّد في الاوساط أن خليفة يفكر في الهجرة كلياً والانتقال الى الامارات، حيث يسعى للحصول على الاقامة الذهبية كبقية زملائه. ويبحث خليفة في ترك منصة «صوت بيروت أنترناسيونال» وقناة lbci معاً، حيث يقدّم مجموعة أعمال على شاشتهما، والانتقال خارجاً. ويأتي قرار خليفة بعد خسارته أمواله المحجوزة في المصارف، وشعوره بالإرهاق من البرامج التي تبث على الشاشة اللبنانية والمنصة التي يديرها بهاء الحريري. لا يجيب خليفة على اتصالات «الأخبار» للتأكد من صحة الخبر أو نفيه. من جانبه، يسعى هشام حداد للانتقال إلى الامارات أيضاً، والبحث عن فرصة عمل هناك. وتأتي هذه الخطوة بعدما لوحظ غياب حداد عن تقديم حلقات صيفية من برنامجه «لهون وبس» (قناة lbci) بسبب انشغاله في تقديم الفقرات الكوميدية التي تسبق الحفلات الغنائية في الخليج. وينشر حداد صوراً من تلك الحفلات التي يبدو أنها ستستمرّ طيلة الصيف، ومعبّراً بشكل واضح عن استعداده للهجرة. وكان حداد قد تنقّل أخيراً بين «صوت بيروت أنترناسيونال» و lbci حيث عمل على تلميع صورة بهاء الحريري في برنامجه «hishow».

يعيش مالك مكتبي متنقّلاً بين دبي وبيروت

على عكس زملائه، يلفت جو معلوف في اتصال مع «الأخبار» إلى أنه لا يفكر في ترك لبنان حالياً، موضحاً أنه عرضت عليه مشاريع في وسائل الاعلام الخليجية، ولكنه يجد صعوبة في ترك بلده والانتقال إلى بلد آخر. يؤكد معلوف حضوره في الخريف المقبل على قناة «الجديد» ببرنامج جديد يحمل اسم «فوضى»، وسيكون طابعه اجتماعياً. على الضفة نفسها، تردتت أسماء أخرى مهتمة بالحصول على الإقامة الذهبية من بينها نيشان، بخاصة أن المقدم اللبناني لديه صداقات متينة في القنوات الخليجية، حيث عمل سابقاً في مشاريع عديدة. لكن في المقابل، لا يزال نيشان يطل على قناة «الجديد» ببرنامج «أنا هيك» ضمن حلقات صيفية، وسيتخذ قراره بهدوء. وكان وسام بريدي من أوائل المقدمين الذين اتخذوا من الامارات مقراً لهم بعدما ترك قناة mtv ولبنان قبل أكثر من عام، وانتقل مع عائلته إلى دبي حيث انضم إلى قناة «دبي» لتولي الموسم الثالث من برنامج «كاربول كاريوكي».
إذاً، يزحف المقدمون اللبنانيون نحو الإمارات، متأملين إقامة ذهبية تفتح لهم فرص العمل هناك، وتخفف عنهم معاناة تأشيرات الدخول، لتبوّء مناصب في الوسائل الاماراتية التي لم تترك أيّ أثر في المشهد الاعلامي العربي.