قبل حوالى عقدين، أطلّت علينا هيفا وهبي من باب الغناء، بعدما تنقّلت بين عرض الأزياء والفيديو كليبات (مع جورج وسوف وعاصي الحلاني وجوليا بطرس) والإعلانات وتقديم البرامج. يومها، قامت الدنيا ولم تقعد في وجه الشابة الحسناء التي قرّرت احتراف الغناء، وقوبلت بحملة شعواء من نقّاد رأوا في نجاحها الجماهيري (خصوصاً بعد أغنية «أقول أهواك») تهديداً للفن وتحوّلاً كبيراً في الذائقة العامة! لكنّ ابنة بلدة محرونة الجنوبية خيّبت ظنّ كل من راهن على أفول نجمها سريعاً، وها هي اليوم إحدى نجمات «الصف الأوّل» في العالم العربي. ألبومات بالجملة، وتعاونات مع فنانين عالميين (شاغي و50cent مثلاً)، وظهور في شبكات إعلامية دولية (من بينها cnn و«هيئة الإذاعة البريطانية»)، وإطلالات على مسارح معروفة، وتجارب تمثيلية بين السينما والدراما التلفزيونية. لم تطرح هيفا نفسها يوماً كـ«مطربة»، مشدّدةً على هذه النقطة في مقابلات عديدة. وهي التي حرصت منذ اليوم الأوّل، بقدراتها الصوتية المتواضعة، على التركيز على إيقاعات راقصة وكلمات بسيطة، متسلّحةً بجمالها ودلعها. لكنّ هذه «الظاهرة» استحالت في غضون فترة وجيزة Trend Setter، معبّدةً الطريق أمام كثيرات من المهووسات بها والراغبات في التحوّل إلى هيفا وهبي... قلباً وقالباً. عزّزت صاحبة أغنية «بوس الواوا» وجودها على الساحة بابتكار «ستايل» خاص بها يمزج بين الإثارة والترف والأناقة، حتى أصبحت أيقونة موضة وجمال تذكّرنا بنجمات هوليوود اللواتي ابتكرن «الغلامور»، أمثال صوفيا لورين ومارلين مونرو وإليزابيث تايلور. فتماماً كما في الغناء والاستعراض، هيفا دائمة البحث عن تصاميم لافتة، من دون أن تخشى الجرأة والتجريب والتجديد.
على درب التجديد، وفي الوقت الذي تنتظر فيه إزاحة الستار عن فيلمها الجديد «أشباح أوروبا» (سيناريو وحوار مجموعة كتّاب وإخراج محمد حماقي)، أسقطت «ملكة جمال الكون» أخيراً قنبلة من العيار الثقيل، تجسّدت في دويتو «لو كنت» (توزيع توما، وإخراج حسام الحسيني) الذي يجمعها بالممثل المصري أكرم حسني. تولّى الأخير كتابة وتلحين العمل الذي يطرح نفسه عبره مغنياً للمرّة الأولى، بعد تجارب عديدة مماثلة في مسلسلات وأفلام.
عزّزت الفنانة اللبنانية وجودها بابتكار «ستايل» يمزج بين الإثارة والترف والأناقة


بينما يسارع فنانون كثيرون، خصوصاً في المحروسة، للالتحاق بموجة «أغاني المهرجانات»، ارتأت هيفا أن تسلك طريق الـ«راب».
من الواضح أنّ النجمة اللبنانية بذلت مجهوداً كبيراً لإتقان أداء الكلمات البسيطة التي تأخذ شكل حوار وتحدٍّ بينها وبين حسني. الأمر أشبه بـ«صفّ كلام» خفيف الظلّ مقرون بجمل موسيقية ترسخ في أذن المستمع وتحمّسه على الرقص، من دون مراعاة أصول هذا النوع من الغناء المندرج تحت خانة الـ«هيب هوب». فالـ«راب» يهدف أساساً إلى التعبير عن هموم اجتماعية وسياسية والحثّ على التغيير، عاكساً حياة الشارع بمآسيها وبؤسها ومشاكلها.
وممّا تقوله هيفا لأكرم في الأغنية مثلاً: «لو كنت قطة حلوة كنت هابقى أكيد سيامي/ لو كنت حيّ اسكندراني كنت اختار ميامي/ لو كنت فلفل احمر كنت هابقي قرن حامي». هنا، من المفيد الإشارة إلى أنّ ميدان الـ «راب» شهد تغييرات كثيرة خلال السنوات الماضية. إذ برز اتجاه الابتعاد عن المواضيع الحياتية المهمّة والتركيز على مواضيع سطحية، كالثراء الفاحش والعلاقات الجنسية. وأوضح مثال على ذلك مغنيات يتصدرن قوائم الاستماع عالمياً، على رأسهنّ نيكي ميناج وكاردي بي.
قد يطول الحديث عن قيمة «لو كنت» الفنية والموسيقية مع تسجيل ملاحظات محقّة لا تحصى، غير أنّ الأغنية حققت الهدف المرجو منها. عمل استعراضي بامتياز، غني بصرياً (ولا سيّما اللوكات المنوّعة التي ظهرت وهبي في بعضها أشبه بـ«باربي»)، يبعث على المرح والترفيه!