بعد كل المضايقات التي تعرّضت لها خلال الأشهر الماضية في مصر، أبرزها إغلاق مكتب «الجزيرة مباشر مصر» في القاهرة وبقاء أربعة من صحافييها قيد الاعتقال، قرّرت «الجزيرة» اللجوء إلى القضاء الدولي لتعويض «الخسائر الفادحة التي تتكبدها، وخصوصاً لجهة سمعتها وسلامة كوادرها وأصولها».
هكذا، شرعت الشبكة الإعلامية القطرية في إجراءات مقاضاة الحكومة المصرية المؤقتة للحصول على التعويض المترتب على إخلال القاهرة باتفاقية وقّعتها مع الدوحة عام 1999 بخصوص حماية الاستثمارات، مطالبة بمبلغ 150 مليون دولار أميركي، وفق ما ذكرت «الجزيرة» في بيان رسمي أوّل من أمس. واعتبرت الأخيرة أنّ السلطات المصرية «انتهكت التزاماتها الواردة في القانون الدولي بخصوص الحماية الكاملة للاستثمارات». وتعليقاً على الموضوع، رأى خبراء أنّه ليس بإمكان السلطات المصرية القول إن «الجزيرة» ليست مؤسسة ربحية، نظراً إلى أنّ جزءاً أسياساً من مداخيل الإعلام مصدره الإعلانات التجارية وإنتاج البرامج والأفلام. في هذا السياق، أعلن خبير القانون الدولي وحقوق الإنسان، سعد جبار، لموقع «الجزيرة نت» أنّه إذا لم تستجب السلطات المصرية للتسوية الودية خلال ستة أشهر من إخطار «الجزيرة» لها، فإنّ النزاع يحال تلقائياً إلى «المركز الدولي للتحكيم حول النزاعات الاستثمارية» الذي سيعيّن محكمين لحسم الموضوع.
من جهته، أكد المحامي كاميرون دولي أنّ «قناة الرأي والرأي الآخر» تواجه «حملة مصرية منظمة ضدها منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي في تموز (يوليو) الماضي». ونقلت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية عن دولي تشديده في حديث لوكالة «رويترز» على أنّ المحطة «استثمرت أموالاً طائلة في مصر، لكن الانتهاكات أفقدتها الكثير. وعلى السلطات المصرية إعطاؤها تعويضات عادلة ومؤثرة»، موضحاً أنّها «أنفقت أكثر من 90 مليون دولار أميركي منذ وصولها إلى الأراضي المصرية عام 2001. وشمل المبلغ تكاليف البنى التحتية، وتشغيل محطاتها الأربع، والأصول الثابتة والمشتراة، فضلاً عن مصاريف الطاقم، والرسوم التنظيمية المدفوعة للدولة المصرية»، علماً بأنّ المحامي يعمل لدى شركة «كارتر ــ رك» اللندنية التي أوكلت إليها «الجزيرة» مهمّة مقاضاة سلطات المحروسة.
على خط موازٍ، أبدى رئيس تحرير صحيفة «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية، آلان غريش رأيه في خطوة «الجزيرة»، إذ قال لموقعها الإلكتروني إنّها «تأتي في سياق ما يكتنف العمل الصحافي في مصر من صعوبات فاقت تلك التي واجهته في حقبتي مرسي وسلفه المخلوع حسني مبارك». وأشار إلى أنّ على وسائل الإعلام اتخاذ خطوات لحماية موظفيها، كما أنّ على الاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان اتخاذ مواقف «حازمة».