في ليالي بيونس آيرس الجميلة، لم يملك الفتيان سوى الحب يهدونه إلى عشيقاتهم. ومن تلك المدينة أهدى الأرجنتينيون التانغو للعالم. إذا تتبعنا جذور هذه الرقصة وأصولها المفترضة الكثيرة، لا يمكن لاختلافها أن يخلخل عراقة التانغو المجبولة بنبض الناس وعفوية الشارع. أكانت ولدت من رحم الأفارقة «العبيد» الذين استقدموا إلى الأرجنتين في القرن الثامن عشر، أم من فقراء بيونس آيرس، لا يمكن لهذا كله أن يعبث بأصالة هذه الرقصة العتيقة. قد يبدو مستغرباً أن تتأخّر الأونيسكو حتى 2009 لتُدخل التانغو في قائمتها للتراث الثقافي الإنساني نظراً إلى مرور حوالى قرن على ولادته. على أي حال، فالاسم الكبير لهذه الرقصة لا يحتاج اعترافاً رسمياً، خصوصاً حين يصبح التانغو هو الحياة نفسها لبحار أرجنتيني على ميناء مرسيليا، والملجأ الوحيد لفقراء بيونس آيرس للتقرّب من الفتيات ووجوههن المتلاشية مع الموسيقى. رغم تأخر الاعتراف به رسمياً، إلا أنّ التانغو انطلق في القسم الثاني من القرن التاسع عشر في الأرجنتين والأوروغواي، قبل أن يعصف بباريس عام 1912 وينتقل لاحقاً إلى العالم.
ولدى انتقاله إلى أوروبا مع المهاجرين الأرجنتينيين، أصبح التانغو الرقصة الثنائية الأولى التي يرتجل فيها الراقصون، على خلاف الفالس والبولكا الأقدم منه. من الأرجنتين والعالم، انتقل التانغو رسمياً إلى لبنان مع «مهرجان بيروت الدولي للتانغو» عام 2009. أحيا راقص التانغو والكوريغراف اللبناني مازن كيوان الرقصة الأرجنتينية في بيروت حين أطلق منصّة خاصة للتانغو، داعياً أهم راقصيها في العالم للمشاركة. عند التاسعة من مساء الليلة، تنطلق الدورة السادسة من المهرجان اللبناني، مع عرض La Vida Es Un Tango في «ميوزكهول» (ستاركو _ بيروت)، الذي سيشاهده الجمهور غداً أيضاً. أربعة «كوبلات» عالمية، سترافقهم على المسرح المغنية الأرجنتينية ساندرا رومولينو، مع أوركسترا Quinteto El Arrastre.
الانطلاق الليلة مع
La Vida Es Un Tango الذي يجمع ثمانية من أبرز الراقصين في العالم

خلال الحفلة، سيرقص الثنائي هوراثيو غودوي وماغدالينا غوتيريز. بدأ هوراثيو الرقص عام 1991، قبل أن يتخصص في نمط Villa Urquiza، أما ماغدالينا غوتيريز، فقد انطلقت عام 1997 مع الرقص المعاصر، والجاز، والرقص الكلاسيكي. اللبناني مازن كيوان يشكل مع غاميلا إيفون ثنائياً مميزاً أيضاً. الفنانة الآتية من جيل التانغو الجديد في بيونس آيرس، ومن خلفيات الرقص الكلاسيكي والفولوكلور والتانغو سترقص مع أستاذ الرقص مازن كيوان الذي حصّل دروسه في الرقص من فرنسا. من إيطاليا، يحضر الراقصان غيامبيارو كونتوني وفرانشيسكا ديل بوينو، اللذان انطلقا معاً عام 2010. ومن اليونان سنشاهد ميخالس شوفلاريس وماريا كالوييرا، اللذين انخرطا منذ الطفولة بالهيب هوب والرقصات اليونانية التقليدية، واللاتينية، قبل أن يطورا أسلوبهما الخاص مع الحفاظ على جذور التانغو الأصلية. هؤلاء الراقصون سيشعلون خشبة «ميوزيكهول» اليوم وغداً، في سهرة أصيلة تشكّل فرصة حقيقيّة أمام الجمهور للتعرّف إلى أهم التجارب العالمية الحديثة لهذه الرقصة.
على هامش المهرجان، تقام ندوات وورش عمل حول هذا الفن في «الجامعة الأميركية في بيروت» (ويستهول ـ من 1 حتى 4 أيار/ مايو). ومن خلال هذا المحترف، يسعى المهرجان إلى توريط الجمهور اللبناني والهواة أكثر في الحدث تحت إشراف أهم راقصي وأساتذة التانغو. هكذا، استطاع المهرجان على مدى سنوات أن يؤسس لمحترف التانغو، ويجعله قبلة للهواة من كل أنحاء العالم. وهذه السنة، تستقبل الورش ما يقارب 100 مشترك من حوالى 20 دولة سيتعلّمون التانغو مع الراقصين المحترفين الذين يستقبلهم المهرجان.
وبالتزامن مع ورش العمل، يتخلل المهرجان 4 ليالي «ميلونغا» في «نادي يخوت السان جورج» (من 1 حتى 4 أيار). في هذه السهرات، سينضم ثنائيان إلى الراقصين الثمانية، هما كارليتوس إسبينوزا ونويليا هورتادو، وفيرناندو سانشيز وآريادنا نافيرا. يشكّل كارليتوس إسبينوزا ونويليا هورتادو واحدة من أهم تجارب التانغو في العالم حالياً، منذ انطلاقهما معاً عام 2011. كارليتوس الذي يرقص «ميلونغيرو ستايل» يمزج مع نويليا مختلف أنواع تراث التانغو الكلاسيكي. أما فيرناندو سانشيز وآريادنا نافيرا فقد اشتهرا بأسلوبهما الذي يسعى إلى إحياء روح التانغو التقليدية بنبض شبابي. هذه السهرات التي ستتيح للمشاركين في الورش أن يقدّموا ما تعلّموه إلى جانب الراقصين المحترفين، سينضمّ إليها أيضاً 4 DJs هم مارسيلو روجاس (الأرجنتين) وآرماندو (أميركا)، وغيسيب كليمنتي (إيطاليا)، وناجي دي (لبنان). إذاً، على مدى أسبوع كامل، سيمتلئ «مهرجان بيروت الدولي للتانغو» بإيقاعات التانغو وبأجساد الراقصين التي ستدعو الأجواء اللاتينية الجميلة إلى بيروت.



«مهرجان التانغو في بيروت»: من 29 نيسان (أبريل) حتى 6 أيار (مايو) ــ «ميوزكهول» و«نادي يخوت السان جورج»، و«الجامعة الأميركية في بيروت» ــ للاستعلام: 03/514105