«لماذا لا نفكّر في الأماكن من منظار أنّها مساحات فارغة بدلاً من التفكير في كيفية ملئها؟ كيف يمكننا القضاء على الخوف من الفراغ في مجال العمارة؟ وكيف نستطيع أن نتخيّل أشكالاً تنبعث منها أماكن للصمت والتأمّل؟». هذا ما قالته المعمارية والقيّمة هلا وردة في إطار التعريف عن مشروعها «سقف للصمت» (A Roof for Silence) الذي يحضر لبنان من خلاله هذه السنة في «المعرض العالمي السابع عشر للعمارة ــ بينالي البندقية». افتتح الجناح يوم السبت الماضي، ويستمرّ لغاية 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021 في «ماغازينو ديل سالي» (زاتر)، فيما أُنجز بالتعاون مع الشاعر والتشكيلية المعروفة إيتيل عدنان والفنان الفوتوغرافي فؤاد الخوري بمشاركة «آلان فلايشر استديو» وSoundwalk Collective، تكريماً لبول فيريليو. ردّاً على إشكاليّة «كيف سنعيش سوياً؟» التي طرحها هاشم سركيس، منسّق عام المعرض، تطرّقت وردة إلى مفهوم التعايش من خلال تصميم متخيّل لمساحات صمت تتداخل فيها العمارة والرسم والموسيقى والشعر والفيديو والفوتوغرافيا.
بناءً على هذه القاعدة، أُعدّ الجناح اللبناني مثل مدوّنة موسيقيّة يتردّد صداها في التخصّصات والأشكال والعصور لخلق التجربة الحسيّة للفكر الذي يتمحور حول مفاهيم الفراغ والصمت كظروف زمنيّة ومكانيّة في العمارة، وكمنشأة ملهمة.
أما المفوّض العام للمعرض، المهندس جاد تابت، فأكّد أنّ الجناح اللبناني لعام 2021 يُعتبر «ثمرة رحلة طويلة تتسم بالتناقضات والشكوك. ومع انتفاضة الشباب اللبناني، اكتسب موضوع البينالي معنى جديداً... فهذه الصورة المجازية عن السقف الذي يؤوي الجميع... باتت وجيهة أكثر فأكثر».
يضم مبنى المشروع المعماري للجناح اللبناني، أربع مراحل: على الجدار الأوّل في المدخل، هناك مقارنة إلى جانب لوحات بول فيريليو Antiformes، تستكشف المساحات والمادة الغائبة، فضلاً عن التصوير المساحي الضوئي لأشجار الزيتون القديمة، وصور فوتوغرافيّة بالأبيض والأسود لأشجار الزيتون في بشعلي في لبنان التي التقطها المصوّر اللبناني فؤاد الخوري.
أما على الأرض، فتوجد Métamorphoses (تحوّلات). إنّه خطّ من الزجاج المحطّم. بصمات أو آثار مجزّأة لأشكال مختلفة كناية عن آثار انفجار مرفأ بيروت في 4 آب (أغسطس) 2020، أو محوّلة من قبل نافخ الزجاج جيريمي ماكس ويل وينتريبرت.
عندما يتقدّم الزائر قليلاً، سيقع على عرض ضوئي ثلاثي الأقسام (Les Oliviers, Piliers du Temps)، كناية عن 16 شجرة زيتون لبنانية عمرها آلاف السنين. صوّر آلان فلايشر هذه الأشجار ليلاً، مقدّماً تجربة حسيّة لفكرة الفراغ والضوء، مصحوبة بمقطوعة Falling into Time الموسيقية من تأليف فناني Soundwalk Collective.
هنا، يصل الزائر إلى الغرفة المركزيّة. صحيح أنّها في الظاهر مؤلفة من ثمانية أضلاع، غير أنّها داخلياً على شكل أسطوانة، حيث تظهر 16 لوحة تجريدية بعنوان Olivéa : Hommage à la déesse de l’olivier بريشة إيتيل عدنان. وعبرها، توحي الفنانة والشاعرة اللبنانية بعراقة شجرة الزيتون التي كانت جزءاً مهماً من حضارات المتوسط. كما تجسّد هذه المساحة التي توّجت بسقفٍ شبه كروي محاط بضوء، هذا المكان «الجوهري»، أو «سقف للصمت».

A Roof for Silence: بين 22 أيار (مايو) و21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021 ــ «المعرض العالمي السابع عشر للعمارة ــ بينالي البندقية» ـــ «ماغازينو ديل سالي» (زاتر).



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا