من هذين المشهدين المتناقضين، ينطلق هشام صفي الدين في محاولة للإجابة عمَّ إذا كان تأسيس مصرف مركزي للبنان في ستينيات القرن الماضي قد حقّق الاستقلال الاقتصادي المنشود، أم أنه أسهم في تعميق من تبعية هذا الاقتصاد وأدّى أخيراً إلى الانهيار النقدي الذي يشهده لبنان اليوم؟ يقدم صفي الدين قراءة جديدة لتاريخ لبنان الاقتصادي الحديث، في كتابه الذي يأتي ليدحض الكثير من السرديات والفرضيات التأسيسية والمسلّمات التي طغت على الثقافة السياسية وعلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام اللبناني على مدى عقود. بالاستناد إلى الأرشيف والوثائق، يعرض لنا الكتاب ظروف تكوّن النظام النقدي والمصرفي في لبنان، لكن ضمن سياق السيطرة الاستعمارية على المنطقة، وفي فترة ظهور تيارات فكرية تكنوقراطية معولمة. كلّ ذلك بالتقاطع مع نشأة الهيكلية المؤسسية للدولة اللبنانية واللوبي المصرفي بعد الاستقلال، اللذين يرصد صفي الدين دورهما في حفظ مصالح رأس المال المحلي والخارجي. كما يتوقّف الكتاب بالتفصيل عند حقيقة أزمة «بنك إنترا» وتداعياتها على النظام المصرفي اللبناني بالاعتماد على وثائق لم تُنشر من قبل.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا