عندما تسلّمت فرانسيس ماكدورماند جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة عن «ثلاث لوحات إعلانية خارج أيبينغ، ميسوري» عام 2017؛ دعت في كلمتها إلى المزيد من التنوّع في هوليوود. يبدو أن نقدها للرتابة السنوية التي تطغى على لائحة مرشحي الأوسكار (موزعة عادة بين الذكور و«الرجل الأبيض») قد فعل فعله. حتى عام 2021، لم تكن ترشيحات الأوسكار في تاريخ الأكاديمية بهذا التنوع، ولكن لا تزال هذه الأكاديمية والأعضاء المخوّلون التصويت (زاد عددهم مع مزيد من النساء والأقليات والمخرجين من خارج الولايات المتحدة) غير راديكاليين ولا جريئين. نقطة التحول الأولى كانت عام 2020 عندما اكتسح الفيلم الكوري الجنوبي «طفيلي» الجوائز. وفي زمن كورونا منذ العام الماضي، شهد الأوسكار تنويعاً أكثر، إلا أنّ هذه التغييرات جاءت برّانية، والأفلام المختارة ظلّت ضمن «منطقة الأمان».للعام الثاني على التوالي، تصدرت نتفليكس ترشيحات الأوسكار في الدورة الـ 93، إذ حقّقت 35 ترشيحاً، أكثر من ضعف ترشيحات «ديزني»، التي تحتل المركز الثاني بـ 15 ترشيحاً. ثلاثة أفلام جمعت وحدها 21 ترشيحاً من الـ35. «مانك» (10 ترشيحات)، «محاكمة 7 من شيكاغو» (ستة)، و Ma Rainey’s Black Bottom (خمسة). مع هذه الأفلام، تجاوزت نتفليكس إنجازات أي شركة أخرى. أما ديزني، فتعتمد على «أرض الرُّحَّل» للفوز بجائزة أفضل فيلم، و«روح» المرشح لثلاث جوائز. وفي المركز الثالث، نجد «أمازون» مع 12 ترشيحاً، ستة منها حصل عليها «صوت الحديد» بينما حصل «الجزء الثاني من فيلم بورات» على ترشيحين. قد لا يكون رقم «أمازون» كبيراً، ولكنه رقم قياسي بالنسبة إلى الشركة، خاصة أنها تطمح لجائزة «أفضل صوت» (احتمال كبير أن تفوز بها) عن فيلم «صوت الحديد».
النسخة الجديدة من الأوسكار، تحمل 76 ترشيحاً لنساء بارزات في صناعة السينما. للمرة الأولى في التاريخ، تمّ ترشيح امرأتين لجائزة أفضل مخرج: الإنكليزية إميرالد فينيل عن فيلمها «شابة واعدة»، والصينية الأميركية كلوي تشاو عن فيلمها «أرض الرُّحَّل». علماً أنه منذ بداية الأوسكار قبل 93 عاماً، تم ترشيح خمس نساء فقط لجائزة أفضل مخرج. كما تم ترشيح فيلمَي فينيل وتشاو، في فئة الكتابة: «أرض الرحل» لأفضل سيناريو مقتبس و«امرأة واعدة» لأفضل سيناريو أصلي.
تم ترشيح تسعة ممثلين، لا ينتمون إلى أصحاب البشرة البيضاء منهم ريز أحمد بشخصية عازف درامز يفقد سمعه في فيلم «صوت الحديد»، ڤيولا ديڤيس بدور مغنية البلوز في Ma Rainey’s Black Bottom، أندرا داي في فيلم «الولايات المتحدة ضد بيلي هوليداي»، ستيڤن يون عن فيلم «ميناري»، علماً أنّه أول ممثل آسيوي أميركي يأمل الحصول على أوسكار عن هذه الفئة. وكما كان متوقّعاً، تم ترشيح تشادويك بوسمان، عن فيلم Ma Rainey’s Black Bottom. توفي بوسمان بسبب السرطان في صيف 2020، ليخلف جيمس دين وهيث ليدجر وخمسة آخرين حصلوا على الترشيح والتكريم بعد وفاتهم.
بقدر ما يقاوم الأكاديميون الذين يخشون كل جديد في السينما، فإن السينما اليوم يحتكرها القادمون الجدد. ورغم أن الأكاديمية تحاول التنويع، إلا أنه تنقصها الراديكالية. المطلوب انفتاح أوسع، احتضان أكبر، والأهم تقبّل كل شيء جديد. بنظرة سريعة على الترشيحات، نجد أن هوليوود لا تزال بعيدة عن التنوع الحقيقي. السينما ليست بيضاء أو سوداء أو نسوية. السينما هي السينما. وإذا أردنا أن نحدد السينما بلون البشرة أو الجنس، فلنتفضل ولكن لنكن أكثر واقعية وجرأةً...
«إخوة الدم الخمسة» لسبايك لي ــ على الرغم من أنه ليس أفضل ما قدّمه ــ يتحدث عن تاريخ ومعاناة السود أكثر من أي فيلم آخر قُدم هذه السنة، لكن انتهى به بترشيح واحد لأفضل موسيقى تصويرية. تم اختزال الأعمال الدرامية حول الأميركيين الأفارقة، بفيلم واحد هو «يهوذا والمسيح الأسود»، فماذا حدث لبقية العناوين؟ هذا إذا تكلمنا فقط في أميركا. ولم نتطرق إلى التحف الخمس التي قدمها هذه السنة البريطاني ستيڤ ماكوين، في سلسلة Small Axe. تم اختزال فيلم «النمر الأبيض» للمخرج رانيم بهراني وترشيحه فقط لجائزة أفضل سيناريو مقتبس، رغم أن جوائز البافتا وجوائز النقاد أعطتنا إشعاراً بترشيحات أكبر محتملة، كأفضل فيلم أو على الأقل أفضل ممثل للهندي أداريش غوراڤ الذي قدم أداءً عظيماً. أما «البقرة الأولى» لكيلي ريتشارد، فلم يُثمر الحب الكبير له ترشيحاً واحداً. لعل الأكاديمية تخشى قصة «الحلم الأميركي» الحقيقية المناهضة للرأسمالية. الأكاديمية فيها شيء من الجبن لعدم ترشيح فيلم تشارلي كوفمان «أفكّر في إنهاء الأمور»، إذ لا تزال بعيدة عن الأفلام الفلسفية، وتلك التي تتحدث عن الإنسان بمآزقه الوجودية. الحركة النسوية الكبيرة هذه السنة أيضاً اختُزلت بفيلم واحد سطحي هو «شابة واعدة» وأُسقط «المساعدة» للأسترالية كيتي غرين، والأداء الرائع الذي قدّمته جوليا غارنر التي تستحق التنافس الجاد على جائزة أفضل ممثلة. كما أُهمل فيلم «أبداً نادراً أحياناً دائماً» لإليزا هيتمان. في ترشيحات أفضل فيلم دولي غير ناطق بالإنكليزية، حدّث ولا حرج. أين «تفاح» لليوناني خريستوس نيكو، و«مارتن أيدن» للإيطالي بيدرو مارشيللو، والتحفة «عزيزي، كاماراد!» للروسي أندريه كونشالوفسكي، و«لن تسقط الثلوج مجدداً» للبولنديين مالغورزاتا زوموسكا وميشال انغلرت؟
الفئة الوحيدة الذي يمكن أن نقول إنّ تغييرات كبيرة طرأت عليها؛ هي فئة «أفضل صوت» التي سنعود إليها بالتفصيل، كما ستكون لنا وقفة مع الفيلمين العربيين المرشحين للأوسكار. «الرجل الذي باع ظهره» لكوثر بن هنية، وفيلم «الهدية» للفلسطينية فرح النابلسي. وفي انتظار احتفال توزيع الجوائز في 25 نيسان (أبريل)، نعرض اليوم الفئات الخمس الأهم، مع توقعاتنا بالأفلام التي سوف تفوز.


قائمة الترشيحات
في ما يلي قائمة بالمرشحين في الفئات الرئيسية لجوائز الأوسكار التي ستقام دورتها الثالثة والتسعون في 25 نيسان (أبريل) في هوليوود:
- أفضل فيلم: «الأب»، «يهوذا والمسيح الأسود»، «مانك»، «ميناري»، «أرض الرحَّل»، «شابة واعدة»، «محاكمة 7 من شيكاغو»
-أفضل مخرج: كلوي تشاو (أرض الرحّل)، ديفيد فينشر (مانك)، لي أيزاك تشانغ (ميناري)، إميرالد فينيل (شابة واعدة)، نوماس فينتربرغ (درانك)
- أفضل ممثل: ريز أحمد (صوت الحديد)، تشادويك بوسمان في (Ma Rainey’s Black Bottom)، أنتوني هوبكينز (الأب)، غاري أولدمان (مانك)، ستيفن يون (ميناري)
- أفضل ممثلة: فيولا ديفيس (Ma Rainey’s Black Bottom)، أندرا داي (الولايات المتحدة ضد بيلي هوليداي)، فانيسا كيربي (أجزاء امرأة)، فرانسيس ماكدورماند (أرض الرحَّل)، كاري موليغان (شابة واعدة)
- أفضل ممثل في دور مساعد: ساشا بارون كوهين (محاكمة 7 من شيكاغو)، دانيال كالويا (يهوذا والمسيح الأسود)، ليزلي أودوم جونيور (ليلة في ميامي)، بول رايسي (صوت الحديد)، لاكيث ستانفيلد (يهوذا والمسيح الأسود)
- أفضل ممثلة في دور مساعد: ماريا باكالوفا (الجزء الثاني من بورات)، غلين كلوز (هيلبيلي إيليجي)، أوليفيا كولمان (الأب)، أماندا سيفريد (مانك)، يو جونغ يون (ميناري)،
- أفضل فيلم بلغة أجنبية: جولة أخرى (الدنمارك)، بيتر ديز (هونغ كونغ)، كولكتيف (رومانيا)، الرجل الذي باع ظهره (تونس)، كو فاديس، عايدة (البوسنة)
- أفضل فيلم رسوم متحركة: أونوارد، أوفر ذي مون، إي شون ذا شيب موفي: فارماغيدون، روح، وولفووكرز
-أفضل فيلم وثائقي: كولكتيف، كريب كرامب، ذا مول إيجنت، ماي أوكتوبوس تيتشر، تايم،
- أفضل سيناريو أصلي: يهوذا والمسيح الأسود (ويل بيرسون وشاكا كينغ)، ميناري (لي أيزك تشانغ)، شابة واعدة (إميرالد فينيل)، صوت الحديد (داريوس ماردر وأبراهام ماردر)، محاكمة 7 من شيكاغو (أرون سوركين)،
-أفضل سيناريو مقتبس: الجزء الثاني من بورات، الأب، أرض الرحَّل، ليلة في ميامي، النمر الأبيض.




اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا