هناك عدّة آيات قرآنية صريحة تتحدث عن حرية المعتقد والفكر للإنسان وحقه في الاختيار. ولعلّ أشهرها «لا إكراه في الدين. قد تبيّن الرّشد من الغيّ». ويحتار الإنسان أحياناً بشأن المسوّغ الشرعي الذي يجعل جماعات مثل «النصرة» و«داعش»، تتجاهل آية صريحة مثل هذه وتقوم بإجبار الناس الذين تحت سيطرتها على العبادات وغيرها كثير من الأمور الدينية. وعند التمعّن في الأمر، يظهر لنا شيخ الإسلام ابن تيمية!
فهذا نص ما قاله ابن تيمية (مجموع الفتاوى، طبعة «دار الوفاء»، ج8 ص275):
«والإكراهُ قد يكون إكراهاً بحق، وقد يكون إكراهاً بباطل.
فالأول كإكراه من امتنع من الواجبات على فعلها، مثل إكراه الكافر الحربي على الإسلام، أو أداء الجزية عن يد وهم صاغرون، وإكراه المرتد على العود إلى الإسلام، وإكراه من أسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت...».
ويتابع شيخ الإسلام كلامه: «وأما الإكراه بغير حق: فمثل إكراه الإنسان على الكفر والمعاصي، وهذا الإجبار الذي هو الإكراه الذي يفعله العباد بعضهم مع بعض...».
ماذا يعني ذلك؟ ببساطة ابن تيمية يقول لنا إنّ «لا إكراه في الدين» تعني في الحقيقة «لا إكراه على ترك الدين»! نعم، أي أنه عَكَس المعنى الواضح للآية تماماً. وبالتالي، فإن إكراه الناس على الصلاة بل وعلى الإسلام ذاته لا يدخل ضمن الإكراه الذي تَنهى عنه الآية، بل هو إكراهٌ حميد!
وهو بالمناسبة ذاته ما كانت تقوم به «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في السعودية، وإن كان بشكل أخفّ قليلاً، فهم المذهب نفسه ويرجعون إلى المصدر الفقهي نفسه.

* كاتب وباحث من الأردن

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا