بسبب جرأته الشكلية ومحتواه المتفجّر، وروحه الاستفزازية والمتمردة، ونقده الحاد للمجتمع والدين والسياسة والصوابية السياسية والنفاق، فإنّ Bad Luck Banging or Loony Porn (الدب الذهبي لأفضل فيلم) للروماني رادو جود، هو راديكالية نادرة في السينما المعاصرة. تخلَّص المخرج من الطريقة التقليدية في بناء قصة سينمائية وتحرّر من فكرة الرسم التخطيطي للشخصيات وللسرد. هكذا، قرّر أن يصنع فيلماً غير مكتمل، ومفتوحاً بثلاث نهايات. ترك لنا حرية الاختيار وفقاً لصوابيتنا السياسية وأزيائنا المهنية وأقنعتنا ونفاقنا وتقوانا ومواقفنا وفضائلنا الكاذبة. رادو جود هو من بين المخرجين الأكثر إبداعاً في السينما العالمية، وخصوصاً في الموجة الرومانية الجديدة. عاد إلى «برلين» بعدما حصد الدب الذهبي عام 2015 عن فيلم AFERIM!. شريط لا علاقة له بأفلامه السابقة، يميل إلى الفكاهة والعبثية والسخرية في التعامل مع القضايا المعقّدة للحياة الاجتماعية والسياسية في رومانيا الحاضر والماضي. متسلّحاً بالهستيريا الاجتماعية التي نشهدها اليوم، بين الأقنعة التي نضعها وحجرنا الصحي (صُوِّر الشريط خلال جائحة كورونا)، يقدم لنا جود فيلماً بثلاثة أجزاء مختلفة: قصة إيمي (كاتيا باسكاريو) المدرّسة التي تُسرِّب لها على الإنترنت ڤيديو تسجيلياً، وهي تمارس الجنس مع زوجها. الجزء الأول (نصف ساعة) من حياة إيمي في شوارع بوخارست، يصوّرها المخرج بطريقة وثائقية وهي في الصيدلية، والمكتبة، والسوبرماركت... في بوخارست خلال الجائحة حيث الجميع تقريباً يلبس الأقنعة، يصوّر جود أيمي وهي تتحرك ويكشف بكاميرته بعض التفاصيل والأحداث. ببساطة يصوّر الحياة في المدينة. الجزء الثاني (العظيم) هو مونتاج صور ومشاهد مأخوذة من الأرشيف. مقال موسوعي استخدم فيه جود التعريفات والكلمات والفكاهة حول الحياة السياسية في رومانيا على مرّ العصور. في هذا الجزء، قام جود بمراجعة غريبة لبعض الأحداث العامة التي جذبت الدولة، إلى جانب أحداث أخرى من المجال الخاص أو من الشبكات الاجتماعية. الجزء الأخير هو محاكمة المرأة في المدرسة بعدما تناقل التلاميذ الفيديو من هاتف إلى هاتف، وشاهدته المدرسة كلّها وأولياء الأمور. يختزل جود في هذا الجزء المسرحي أمّته ومجتمعه. لقاء المعلمة بأولياء الأمور (ربات منزل، قائد عسكري، طيار، فنان...) في باحة المدرسة لمناقشة الفيديو، والتصويت على ما إذا كان بإمكان المرأة الاستمرار في تعليم أطفالهم. مضحك للغاية ومثير للغضب وحادّ في آن، يبرز المخرج موضوعات الفيلم المركزية: تاريخ البلاد، الفاشية، العنصرية، كراهية النساء، الذكورية، الديكتاتورية، الشوفينية والتعصب والقومية والعنجهية والبرجوازية... كل ذلك يثار فقط من فكرة أن معلمة أطفال تمارس الجنس في حياتها الخاصة. من المشهد الأول الذي يعرض فيه جود الفيديو الجنسي (بورن) بكامله، إلى المحاكمة وكفاح المعلمة للدفاع عن حقوقها ومبادئها وقناعتها، وتعريف ما هو فاحش أو إباحي أو منحرف، وبين فكَّي الرقابة الاجتماعية، ندرك أن حالة النفاق والفساد هي مصدر السخافات التي لا يمكن حتى لشخصيات لوني تونز المرسومة على بعض الكمامات احتواؤها.
ينتمي الشريط إلى أسلوب الموجة الرومانية الجديدة التي بدأت عام 2005، مع فيلم «موت السيد لازاراسكو» لكريستي بويو. حركة أعطت نوعاً جديداً من الواقعية الاجتماعية، مبرزةً بشكل مثير للسخرية فشل النظام الاجتماعي والمؤسساتي لرومانيا. Bad luck Banging or Loony Porn، هو رسم كاريكاتوري سياسي، نكتة تتعلق بالوقت الحاضر، يظهر معضلات أخلاقية غير مريحة ومقلقة ويأساً من مجتمع له أولويات مضطربة.


النتائج كاملة
في ما يلي قائمة بالفائزين في «مهرجان برلين السينمائي» بدورته الحادية والسبعين:
• جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم: «باد لاك بانغينغ أور لوني بورن» للمخرج رادو جود (رومانيا)
• الجائزة الكبرى للجنة التحكيم، الدب الفضي: «عجلة الحظ والفانتازيا» لريوسوكي هاماغوشي (اليابان)
• جائزة لجنة التحكيم، الدب الفضي: «السيد باخمان وفصله» لماريا سيبث (ألمانيا)
• جائزة الدب الفضي لأفضل مخرج: «ضوء طبيعي» لدينيس ناغي (هنغاريا)
• جائزة الدب الفضي لأفضل أداء تمثيلي: مارين ايغارت عن فيلم «أنا رجلك» (ألمانيا)
• جائزة الدب الفضي لأفضل أداء تمثيلي في دور ثانوي: المجرية لييلا كيزلينغر عن فيلم «غابة – اراك في كل مكان»
• جائزة الدب الفضي لأفضل مساهمة فنية: لابران أسواد عن مونتاج فيلم «فيلم شرطي» لألونسو رويزبالاسيوس (المكسيك)
• جائزة الدب الفضي لأفضل سيناريو: «إنتروداكشن» لهونغ سانغسو (كوريا الجنوبية)



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا