لحظة ميلاد الشاعر هي أشبه بما يُذكر في المرويّات الدينية حول ولادة مخلص منقذ أو مبشّر: ذلك أن الشعر وجه آخر من وجوه الغيب وربما جرحه القديم. مثقفون من مختلف أصقاع الأرض لبّوا دعوة أرواد إسبر والفيلسوف الفرنسي دوناسيان غرو، ليقول كل منهم كلمته في محضر ميلاد الشعر والشاعر عبر إطلاق موقع adonis90.org.هؤلاء المثقفون والشعراء والنقّاد ممن استحضروا أهمية الشعر في عالم يرزح تحت خط الفقر والوباء والنكبات واكبوا بكلماتهم صاحب «أغاني مهيار الدمشقي» من البدايات مروراً بهندسة المدينة المثقفة في بيروت الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي وبيانات الحداثة وقصيدة النثر التي كانت لمجلة «شعر» ولأدونيس وصحبه من يوسف الخال وأنسي الحاج وشوقي أبي شقرا وخالدة سعيد شرف الريادة، والسجالات الفكرية التي أثارها صاحب «الثابت والمتحول» و«الكتاب» في تسليطه الضوء على ثقافة «الهامش» والرفض بوجه ثقافة الخليفة والكتبة، وانتهاءً بسيرة شبه شعرية في «دفاتر مهيار الدمشقي» (الساقي ٢٠٢٠)، حيث تبدو الوحدة بين أدونيس الشاعر ومهيار الرّمز أكثرَ تفصيلاً ووضوحاً وأبعدَ توغُّلاً في التساؤل حول الممنوع المكبوت المؤجَّل، أو الحميم الخصوصي، وكل ما يرتبط بالصبوات والشهوات والرغبات. من بين هؤلاء المثقفين الذين توزعوا بين مختلف الأجناس الإبداعية وحتى السياسة والذين أسهموا في موقع تسعينية أدونيس نذكر: فوزية أبو خالد (السعودية)، ضياء العزاوي (العراق)، قاسم حداد (البحرين)، ريم غنايم (فلسطين)، سركيس أبو زيد (لبنان)، حورية عبد الواحد (فرنسا)، دومينيك دو فيلبان (فرنسا)، عباس بيضون (لبنان)، أندريه فيلتير (فرنسا)، جواشيم سارتوريوس (ألمانيا)، فراس السواح (سورية)، ، هدى بركات (لبنان)، بيتر هاندكه (ألمانيا)، فينوس خوري-غاتا (لبنان، فرنسا)، جاك لانغ (فرنسا)، شوقي بزيع (لبنان)، وسلمان رشدي (بريطانيا) والزميل بيار أبي صعب. وقد أوضحت هذه الشخصيات عبر كلمة الصفحة الرئيسية الرؤيةَ والهدف من إنشاء الموقع: «السنة ٢٠٢٠ هي السنة التسعون في حياة الشاعر أدونيس الذي تنهض إبداعاته وجهاً لوجه مع تغيّرات الزمن، الطويل الحاضر معاً، والتي تمارس تأثيراً عالياً في أوروبا من شبه الجزيرة الإيبيرية إلى اسكندينافيا، وفي العالم من الشرق الأدنى إلى الشرق الأقصى، من شبه القارة الهندية إلى أميركا الشمالية، ومن أميركا اللاتينية إلى جنوب شرق آسيا، ومن أفريقيا إلى المملكة المتحدة. ولد أدونيس في الأول من كانون الثاني ١٩٣٠، واختار اسمه لكي يشير إلى التجدّد ومعانقة الجديد الذي يتيحه الشعر، ذلك أنّ «أدونيس»، في أساطير ما بين النهرين هو إله السَّنة الجديدة.
يمثل عيد ميلاده لحظةً من التأمل من أجل وجودنا: دور الشعر، الإيمان بإنسانية كاملة وشاملة، دور الماضي ودور الحداثة

منذ ستين سنة، تجسّد أعمال أدونيس ومسيرته طاقة الشعر في العالم، والحياة الملحمية في الشعر ومعه: حياة الكلمة الحرّة، الخلّاقة على نحو كامل، ونقد الأسس التي تقيد الحياة في كل مكان في العالم. في أثناء حياته في باريس، ظلّ أدونيس متمسكاً باللغة العربية فيما هو يحوّلها، لكن عمله هذا يشعّ في العالم كله. إنها حالة نادرة لكلامٍ فاتنٍ وإنتاج عظيم، حالة وهي جوهر التعبير عند أدونيس. إنه وهو العارف بجميع الأشكال في اللغة العربية، شارك باكراً في التعريف بالشعر الغربي الطليعيّ، مؤسساً لجسورٍ غير منتظرة، مضيئاً بألقٍ جديد، مظاهر مجهولة في الشعر، وفي الحياة الإنسانية بعامّة. يمثل عيد ميلاد أدونيس لحظةً من التأمل من أجل وجودنا: دور الشعر، الإيمان بإنسانية كاملة وشاملة، دور الماضي ودور الحداثة».
مع أدونيس شِعراً ونثراً وفكراً، أخذنا الشاعر إلى البعيد، والشعر الذي أراد له زمن القحط أن يحتل الهوامش عاد إلى مركزيته في الحياة والحلم والحب، وهو القائل: «أمضي إلى البعيد والبعيد يبقى، هكذا لا أصِل، ولكني أضيء».

adonis90.org

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا