حالما تنتهي كارثة درامية على قناة mtv حتى تباشر بأخرى، أكثر قدرة على الاجهاز على ما تبقى من حسّ نقدي وقيم معرفية تتم مراكمتها من خلال متابعة الفن الجيد. أخيراً، باشرت قناة المرّ عرض النسخة المعرّبة من المسلسل المكسيكي «ماريمار» («مروى غروب»/ مروان حداد) على اعتبار أن للسذاجة طعماً آخر عندما تستورد من المكسيك. وفق هذا المنطق الغرائبي، أعدّت داليا الحداد السيناريو والحوار، وأخرج نبيل لبّس هذه «الملحمة العاطفية» التي سميّت «متل القمر». وراحت تزلزل أركان الجمهور، وتهز فؤاده بعد عرض حلقات عدة فقط! يلعب دور البطولة في هذا المسلسل كل من ستيفاني صليبا، دلّوعة mtv التي قامت بنقلة «نوعية» من حقل الإعلام إلى عالم «الدراما الفاشلة» ومعها وسام صليبا، ورانيا عيسى، وكاتيا كعدي، ونيكولا مزهر، وسامي أبو حمدان.
منذ الحلقة الثالثة، يلبي المسلسل كل طموحات التكرار، ويحقق شروط الخواء الدرامي كونه يدور حول فرضية بالية هي ابن المزارع الغني الذي ماتت زوجته، فتزوج بامرأة جميلة تصغره بكثير، ثم رهن أرضه مقابل مبلغ كبير من المال، ولم يعد يتمكّن من تلبية طلب وحيده الوسيم والطموح ببيع حصّته من المزرعة والسفر إلى الخارج. من جهتها، تحاول الزوجة إخفاء إعجابها بالشاب الذي تأسره فتاة فقيرة تعيش مع جديّها في كوخ بحري وتسرق بعض الخضار كي تسدّ رمق عائلتها. هكذا، يتخذ الشاب قراراً بحمايتها وتخليصها من مضايقات أحد عمّاله قبل أن ينقلب تعاطفه حبّاً جامحاً. ولا نعرف هنا من أين هبط الخوري على المعادلة الدرامية الفذة، لينهر أخطاء الفتاة ويعظها بشكل دائم!
على مدى 45 دقيقة (مدة كل حلقة)، سنكون أمام أداء مدرسي للمذيعة الجميلة، وتصنّع تمثيلي واضح. أضف إلى ذلك براعة المسلسل في إعادة اللغة المتحفية للنص الدرامي، وفراغه بشكل كلي من أي حدث جذّاب. الحكاية تقتصر على بضع شخصيّات تعيد المفاصل ذاتها لقصص الجدات على مسامع أحفادهن قبيل النوم. يفرض النص المتهاوي، والحدث المضيق محدودية إضافية على حركة الكاميرا وكوادر التصوير... فإذا بنا نشاهد قمر بطلة المسلسل تجالس البحر وتجرّب استعراض غنجها بطبقة صوت منفّرة وحركات صبيانة، وهي ترمي الحصى على البحر مرّات عدة في كل حلقة. ربما يستحق البحر لقب بطل المسلسل على اعتبار أننا نتابعه في مشاهد لا تقول شيئاً سوى أنها تستعرض لنا زرقة مياهه. ثم يبدأ التصاعد الدرامي على طريقة «متل القمر» ويصل ذروته حين تحلم الفتاة بأنّ ابن المزارع الغني قد طلب يدها على شاطئ البحر، وإذا بالحلم يتحقق في اليوم التالي. ومع نهاية كل مشهد لجهاد وقمر، سنمضي دقائق عناق طويلة.
لا ندري ماذا يريد هذا المسلسل أن يقول، وأين هي الدراما في كل ذلك. لكنّ الثابت من غالبية ما نتابعه من دراما تنتجها «مروى غروب» أنّه لو صرفت هذه الأموال أو استثمرت في مجال آخر، لكان ذلك أقل ضرراً على الجمهور... من يدري، ربما يطالب أحد المشاهدين يوماً ما بـ «عطل وضرر» نتيجة ما رآه من دراما متهالكة تسبّب الأذى البصري!

متل القمر: من الإثنين إلى الأربعاء 20:40 على mtv