■ يتحدث الفيلم عن الاجتياح الإسرائيلي للبنان، لماذا الاجتياح بالتحديد؟- أنا أؤمن أن المخرج يجب أن يتكلم عن شيء يعرفه. قصة الفيلم شخصية، ما زلت أذكر ما حدث في المدرسة في ذلك اليوم. أردت نقل الإحساس، نقل شيء أعرفه تماماً ليصل بصدق إلى الجمهور. أردت أن أنقل إلى العالم من نحن، أن يكون الفيلم صادقاً ليصل، وأن أقول للجميع إننا شعب يمكن أن نحبّ ونعشق ونحلم. وبطريقة ما حاولتُ إلغاء نمط التفكير الغربي عن الشعب اللبناني والحرب.

■ هناك نوع من الرمزية في الفيلم (الحمام)، ورسوم متحركة، وهذا شيء جديد نسبياً في السينما اللبنانية، ألم تخشَ عدم تقبّل الجمهور اللبناني لهذا الشيء؟
- الرمزية هي طريقة أستعملها في سردي للحكاية. السينما فنّ سرد القصص. والرمزية في القصة هي كطبقة هيكلية تساعد على السرد، وتترك المجال للمشاهد أن يفهم الرمزية مثلما يريد. لا أصدر الأحكام على الجمهور، ولا يمكن أن أفرض عليه كيفية فهم الرمزية والقصة. لذلك لا يوجد خوف، بل احترام للجمهور وترك الحرية له للوصول إلى الفيلم بالطريقة التي تناسبه. استعملت الرمزية في أفلامي القصيرة السابقة، والنتيجة كانت جيدة، وفي هذا الفيلم كانت ممتازة.

■ الأولاد هم من حملوا الفيلم على أكتافهم، وهم القصة كلها تقريباً؛ كم كان صعباً التعامل معهم، خاصة أنهم قدّموا أداء رائعاً. وكيف تم التعامل معهم في موضوع الفيلم الذي يحكي عن الحرب التي لم يعيشوها؟
- لا شك في أن التعامل مع الأولاد كان صعباً. عليك التعامل معهم بالطريقة التي يفكّرون ويرون الأشياء بها. جمعنا أطفالاً من مختلف المناطق اللبنانية، من مدارس رسمية وخاصة. اخترنا 700 ولد، ثم اخترنا 200 منهم، ثم 30، ثم 24 صوّرنا معهم. قمنا بورش عمل كثيرة معهم، شاهدنا سوياً الكثير من الأفلام منها «The Goonies»، و«سينما باراديسو» و«إلى اللقاء أيها الأطفال». نشأت صداقات بيننا. تركت لهم الحرية بفعل ما يريدون، هناك الكثير من المشاهد التي كانت مرتجلة من قِبلهم. فسرنا لهم قصة الفيلم والحرب بطريقة يمكن لهم استيعابها. عندما حفظوا السيناريو، طلبت منهم أن يقولوه على طريقتهم، لم أشأ أن يردّدوا ما هو مكتوب حرفياً بل بالطريقة التي يعبرّون بها.

■ في آخر الفيلم تقريباً، عندما اصطحب الأهالي أولادهم من المدرسة، بين كل هذه الفوضى والعجقة والطائرات الإسرائيلية والسورية تتحارب في الأجواء؛ في السيارة تقول والدة ماجد له بأن الاثنين يحاربان عندنا، وعندما سألها نحن مع مَن، قالت نحن لسنا مع أحد. نحن نعرف أن إسرائيل عدو تاريخي ومع سوريا هناك بعض التشنجات والسلوكيات المرفوضة، هل من النضج برأيك مساواة الاثنين؟
ـــ بصراحة، في هذه اللحظة بالذات، هي تلعب دور الأم فقط. الأم الخائفة التي أتت لأخذ أولادها من المدرسة وإعادتهم إلى البيت، إلى الأمان ربما. في هذه اللحظة هي تلعن كلّ شيء، والجميع. لا يهم من ضد من، المهم أولادها فقط. هنا لا خلفيات سياسية ولا صراعات تاريخية. هنا أمّ تحاول حماية أولادها من الخطر، الأهم بالنسبة لها هو أولادها فقط. وإذا نظرنا إليها خلال قولها هذه الكلمة؛ يمكن أن نعرف من خلال تعابير وجهها أنها لا تقصد ما قالته، لكن في هذه اللحظة كان هذا شعورها ونطقت به.

■ مدير المدرسة البريطاني، في آخر الفيلم يقرّر البقاء مع التلاميذ ويطلب من الجميع أن يغادروا، وهو سوف يبقى مع التلاميذ الباقين حتى وصول أهاليهم. أليس هذا نوعاً من التسويق بأنّ الرجل الغربي هو المنقذ دائماً؟
ــــ بالعكس تماماً. طوال مدة الفيلم، نرى أن مدير المدرسة لا يدري ماذا يفعل، لا يعرف ماذا يحدث أو كيف يتصرف. في كثير من المشاهد، نراه ضائعاً ينظر من الشباك. وجوده هو للعب دور الجهل والغباء الغربي تجاهنا. الغرب لا يعرف كيف يتصرف مع مشاكلنا، هناك جهل تام بنا. واللحظة التي يقرّر فيها المدير البقاء مع الأطفال؛ جاءت لأنه لا يعرف كيف يكون مفيداً، وبلحظة تصرف بروح إنسانية.


اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا