«العيش على هذا الكوكب رؤية رائعة، والطريقة التي نعيش بها نحن البشر هنا تقودنا إلى التدهور». هكذا يبدأ وثائقي «ديفيد أتينبرو: حياة على كوكبنا» الذي انطلق عرضه عالمياً على نتفليكس. الأسطوري ديفيد أتينبرو، عالِم الطبيعة الغني عن التعريف، قضى معظم حياته في توثيق الحياة البريّة، وسافر خلال مسيرته المهنية التي استمرت 70 عاماً تقريباً، إلى حدود الكوكب بحثاً عن التنوع البيولوجي والتاريخ الطبيعي لينقله لنا. اليوم وفي عمر الأربعة والتسعين، لم يتقاعد، بل ما زال يقدّم لنا البرامج والوثائقيات. يرى أتينبرو الذي كرس حياته لتوثيق الحياة على الأرض باعتبارها جنة متنوعة بيولوجياً في توازن معقّد، أنّ الكثير مما اكتشفه ومما عرفه لم يعد موجوداً. لقد تمّ تدمير الحياة البرية بسبب التدخل البشري. أدت التغيرات المتسارعة التي عانى منها الكوكب نتيجة الحياة البشرية غير الحذرة إلى أزمة بيئية غير مسبوقة. الحياة البرية تتدمر، البحار الجليدية تذوب والغابات تختفي، وهو ما سيقودنا إلى الانقراض الوشيك. الوثائقي شهادة يراجع فيها أتينبرو حياته المهنية ويتأمل مستقبل البشرية. أكثر من ذلك يحثّنا على العمل بشكل عاجل لمعالجة أزمة البيئة والمناخ التي نواجهها. بالنسبة إليه، استعادة هذه الجنة هي الواجب الأكثر إلحاحاً لحماية مستقبلنا. العالم البريطاني لم يستسلم بعد، لديه نظرة متفائلة بشأن المستقبل. الحل موجود، يعتمد الأمر علينا فقط في أن نكون حلفاء الأرض الأم، إذا اعتنينا بالطبيعة، فسوف تعتني بنا. في النهاية «الأمر لا يتعلق بإنقاذ كوكبنا، بل بإنقاذ أنفسنا».يبدأ الوثائقي بإلقاء الضوء على جوانب من حياة ديفيد أتينبرو. نرى الرحلات الاستكشافية التي قام بها طوال حياته. ندخل الفصل الثاني من الفيلم وهو يقدم لنا أهمية الطبيعة والتنوع البيولوجي والنظم البيئية البحرية. المحيطات والغابات والصحارى والقطب الشمالي والأمطار والمياه وظواهر الغلاف الجوي هي مجموعة موحّدة ومثالية على هذا الكوكب. يرى ديفيد أتينبرو ذلك بوضوح، ويقول فقط من خلال استعادة كل هذه الأشياء معاً، بأنّه يمكن للكوكب أن يتعافى ونحن معه. الجزء الأخير من الوثائقي يكشف لنا الصعوبات التي سنواجهها إذا واصلنا النشاط غير المستدام الذي نقوم به على الكوكب.
ينتهي الوثائقي بحقيقة بسيطة هي أنّ الطبيعة ستنجو معنا أو من دوننا


الرسالة مباشرة وموجزة. يمكن إصلاح الكارثة البيئية التي نمرّ بها، ولكنها تتطلب تغييرات وتضحيات يجب أن نكون على استعداد للقيام بها. ينتهي الوثائقي بحقيقة بسيطة ومثيرة للإعجاب؛ الطبيعة سوف تنجو معنا أو من دوننا. يأخذ أتينبرو كمثال الحادث الذي تسبب به البشر في محطة للطاقة النووية في تشيرنوبيل. بعد 30 عاماً، تشق الطبيعة طريقها بين المباني، والدمار، بطبيعة الحال، هو الإصلاح والتجديد. مع ذلك، لا يزال الإنسان عاجزاً عن العيش هناك بشكل مستمر.
الوثائقي أكثر من رائع، كأنه اختصار لحياة أتينبرو كلها، مستعيناً بمشاهد صوِّرت سابقاً في برامجه مثل «كوكب الأرض 1 و2»، و«كوكبنا» (يُعرض على نتفليكس)، و«الكوكب الأزرق». في لحظة حاسمة للبشرية، حيث وضعت جائحة كورونا العالم الحديث والحضارة تحت المجهر، وكشفت هشاشة البشر، يقترح أتينبرو احتضان الطبيعة، وتعويض الوقت الضائع قبل فوات الأوان.

* A life On Our Planet على نتفليكس

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا