بحماسة وتهليل سبقا دخول قانون «قيصر» بأسابيع، سارت البروباغندا الإعلامية العربية، وانعكس جزء منها محلّياً، مع بدء دخول القانون حيّز التنفيذ أمس. تصرفت هذه الشبكات والقنوات، خصوصاً الخليجية، كما ولو أمامها ساعة زمنية رملية، تنتظر ساعة الصفر لإطلاق الاحتفالات. قبل أيام بل قبل أسابيع، ركزت هذه المنصّات على القانون الأميركي الذي يفرض عقوبات قاسية على سوريا، وعلى كيانات ومؤسسات وشخصيات تتعامل مع النظام، وعوّل الإعلام على نتائجه الاقتصادية والسياسية الكارثية في محاصرة سوريا وتداعياته بالطبع على الداخل اللبناني.
ربط درغام القانون بتخفيف انهيار الاقتصاد اللبناني

لعلّ النقطة الأبرز التي ركّز عليها خليجياً، تتعلق بوصول العقوبات إلى حلفاء سوريا، وكيانات روسية وإيرانية تتعاطى مع النظام السوري. نقطة جالت معظم هذه القنوات، ودخل «حزب الله» في بازارها. بروباغندا شملت التهليل لقانون العقوبات الأميركي، إلى جانب التحذير من مغبة تعامل الداخل اللبناني مع سوريا، والالتزام بما ينصّ عليه القانون. هكذا، أدرجت «العربية» أسماء شخصيات ومؤسسات سيطالها «قيصر»، وركزت في هجومها على «حزب الله» من بوابة اتّهامه بانهيار الليرة اللبنانية بنسبة 70% كما أوردت في تغطيتها أمس، وبوضع يده على ودائع اللبنانيين، لـ«محاربة العقوبات الأميركية»، ومن أجل «التحايل على أحكام القانون الأميركي». وربطته الشبكة السعودية بما أسمته «تنظيم الحزب لتحركات طائفية وتخريبية» في بيروت في الأيام القليلة الماضية، بغية «الضغط على مصرف لبنان للإفراج عن الدولار»، ليصار في ما بعد إلى «تخزينه» ومواجهة تداعيات القانون. لا شك في أن التهليل للقانون الأميركي يرمي إلى بثّ الخوف في نفوس اللبنانيين، وتصوير الأمر على أنّه أتى كثمن لدعم «النظام السوري وحزب الله». على مقلب «سكاي نيوز عربية» التي أطلقت تسمية «الأربعاء المخيف» على يوم أمس، تاريخ بدء تطبيق «قيصر»، حذّرت الشبكة الإماراتية من أيّ تعاطٍ مع النظام السوري، وشدّدت على نتائج القانون الكارثية على لبنان. عناوين كثيرة تعاقبت على واجهة «سكاي نيوز» لتعبّر بوضوح عن ترحيبها به وانتظارها الطويل له: «العد العكسي ينتهي»، و«ساعة الصفر تقترب»، عبارات طبعت هذه الشاشة، التي هلّلت بأن القانون سيطال كيانات إيرانية وروسية تتعاون مع سوريا. الأمر عينه انسحب على صحيفة «الشرق الأوسط» التي عنونت أمس بأن قانون «قيصر»، هو «رسالة مشروطة للأسد وحلفائه»، واعتبرت أن حظر القانون التعامل مع مؤسسات وشخصيات روسية وإيرانية يندرج ضمن ما وصفته بـ«الضربة لحلفاء الأسد».
محلياً، برزت mtv على الساحة اللبنانية، كأبرز المنصات المروّجة للقانون الأميركي والمهلّلة لبنوده. أول من أمس، خصّصت المحطة تقريرين في نشرة أخبارها، الأول استضاف معاذ مصطفى من واشنطن أحد عرابي القانون، فيما كان مراسل المحطة آلان درغام يتحدث عن «قيصر» وحظره كلّ من يتعامل مع النظام السوري. اللافت في كلام درغام جزمه بأن القانون سيحمي الاقتصاد اللبناني بعد انهياره جرّاء «ضخ العملة الصعبة في سوريا من لبنان»! في التقرير الثاني الذي استضاف سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد، كان الحديث عن تداعيات القانون على الداخل اللبناني، وسط تحذير واضح من الضيف والمحطة من غياب جدية النظام اللبناني بالأخذ في الاعتبار الالتزام ببنود القانون، وبالتالي تضرّر المصالح الاقتصادية في الداخل. هكذا، بعد طول انتظار على هذه القنوات، خرج قانون قيصر ليشكّل الرافعة الأساسية لبروباغندا قائمة على الاقتصاص من النظام السوري من البوابة الأميركية، مع بثّ مخاوف إضافية لمن يتابع مضامين ما تبثّه هذه الشبكات. كأنّها تسعى لإحداث حالة من القلق الواسع هذه المرة حول مغبّة إهمال الالتزام بالقانون وإلا المزيد من الانهيارات الاقتصادية سيطال اللبنانيين!