السيناريو الذي شاهدناه يوم سقوط مدينة القصير في حزيران (يونيو) الماضي، تكرر أول من أمس مع يبرود. سيناريو واحد انتهجه الإعلام الخليجي في مقاربة هذه المعركة التي انتهت بسيطرة الجيش السوري على المدينة. خطاب وسائل الإعلام الخليجية، وخصوصاً «العربية» و«الجزيرة» قام على حالة إنكار في بداية الأمر، ثم تكذيب كل الأنباء المتحدثة عن السيطرة الكاملة، بالاستناد إلى ما تسمّيه هذه المنابر «ناشطين» في إيراد هذه المعلومات. بعد ذلك، سلّمت هذه القنوات بالأمر الواقع مع عرض الشاشات الموالية للنظام السوري الفيديوات بالصوت والصورة.
إضافة الى هذه المقاربة، كان لافتاً في الإعلام الخليجي الاستنساخ شبه الكلّي للمعلومات ولمصادر الأخبار. «العربية» التي أنكرت الأمر بداية، بثّت شريط فيديو قالت إنّه تابع لعناصر من «الجيش السوري الحرّ» موجودين في «الجهة الشمالية الشرقية ليبرود على مشارف مزارع ريما» بهدف صدّ «التسلل الى المدينة» من قبل «النظام» و«حزب الله». وأرفقت ذلك بحديث عن «سقوط بعض الأحياء مع استمرار المعارك». بعد ذلك، قامت بإعادة بث ما نقلته «المنار» من صور حيّة من يبرود تشي بسقوط المدينة على يد الجيش السوري. القناة السعودية «ارتأت» أن «تعطي الأولوية» للحزب، فقالت إنّه هو الذي سيطر على هذه المدينة، وكان عنوانها «حزب الله يستولي على مدينة يبرود».
التعاطي نفسه مع معركة يبرود رأيناه مستنسخاً على «الجزيرة» التي نقلت عن لسان «ناشطين» أن «المعارك متواصلة على مشارف مزارع ريما الواقعة على تخوم المدينة الاستراتيجية». و«ليحلو» هذا النسخ، اعتمدت القناة القطرية على المصدر عينه الذي زوّد «العربية» بأخبار يبرود. الناشط الإعلامي رواد الشامي قال إن «مقاتلي المعارضة لا يزالون متمركزين في مواقع غرب وجنوب يبرود»، مع الإشارة الى «مقتل عدد من الجنود وعناصر من «حزب الله» في الاشتباكات الأخيرة». ولا شك في أنّ هذا «الناشط» ذكّر المشاهدين بالشاب هادي العبدالله الذي اشتهر بأخباره عن القصير التي وقع أغلبها في فخ المبالغة.
التعاطي الإعلامي الخليجي مع معركة يبرود لم يقف عند هذا الحدّ، بل استُكمل بسلسلة من التبريرات للسقوط السريع للمدينة ولوم المعارضة، وفرار الآف المسلحين الى المناطق المجاورة، وصولاً الى الأراضي اللبنانية. على لسان «الناشطين» أيضاً، برّرت «العربية» هذا الهروب بأنّ «حشوداً هائلة من عناصر النظام مدعومة بميليشيات «حزب الله» تدخل الى قلب المدينة، ما أدى الى انسحاب مسلحي المعارضة (..) الذين لم يتلقوا أي مساندة للدفاع». كذلك، تركز التبرير على لوم «المجتمع الدولي» الذي «تخاذل» في المساعدة «مادياً وعسكرياً، ما أسهم في التراجع على الأرض». أما «الجزيرة»، وضمن برنامجها المسائي «حديث الثورة» أول من أمس، فقد وصف عضو «المجلس الأعلى للجيش الحرّ» رامي الدالاتي «صمود أهالي القلمون في وجه قوات النظام وحزب الله» بـ«الأسطوري»، قائلاً إنّ النظام كان عاجزاً عن اقتحام المدينة لولا لجوؤه الى «القصف والحصار والتجويع، ما دفع القادة إلى الانسحاب حتى لا تتكرر تجربة القصير وبابا عمرو».

يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab