منذُ أيّام، أنهى تلاميذي امتحاناتهم في مادّة اللغة العربيّة. وفورَ تسلّمي المسابقات، رحتُ أبحثُ في الأدراج عن قلمي الأحمر الذي لا أستعملهُ عادةً إلا في مثل هذه المناسبات. وهنا يطالعني سؤالٌ:
أَأَنا أستاذ أم قلمٌ أحمر؟
وكم من ألم سبّب هذا القلم؟؟
كم من ألم سبّبَ هذا القلم، حين وَضعَ خطّاً تحتَ عبارةٍ ظنّها تلميذ أنّها جميلة، فكانت من زاويتي الأكاديميّة مادة دَسِمَة للتشريح والتجريح؟
كم من ألمٍ سبّب هذا القلم، عندما عجزَ عن إضافة علامة تَحفيزيّة كادت تُنقذُ مُستقبلَه، أو تقلبُ وجهةَ نَظرهِ، من نِظرةٍ خائبة مُحبَطَة، إلى نِظرةِ تفاؤل أن الوصول إلى اكتساب هذه اللغة والإبداع فيها ليس بأمرٍ مستحيل؟
ثمَّ ما مشكلة هذا القلم الأفلاطونيّ المثالي مع الوهم الإيجابيّ؟
ألم يصنع مثل هذا الوهم من أديسون رجلاً عظيماً، ومن غيره قادةً ورسلَ معرفة وحقّ؟
أنا لا أُنكرُ دوره في التصويب، والتوجيه، ولا أعطي أعذاراً لمن يتكاسلون، أو أضع الأساتذة في موقع المُتّهمين. إذ لا مَعرض هنا لجلاد وضحيّة، إنما مجرّد تساؤل أضعُهُ بين حاملي الأقلام الحمر:
ماذا نُعلّم؟؟؟
هل سيبقى تلاميذنا أسرى الغُرف الصفّيّة، مع كتبٍ مُحنّطة، ولغةٍ متحفيّة، وامتحانات بالية مفصولة عن الواقع؟
وبعدُ،
هل ستبقى وظيفة المُعلّم – من دون أن نُعمّم – محصورة في تعليم التلاميذ كيف يصطادون السمك من علب السردين، والحياةُ بحرٌ منقطع عن واقعنا الأكاديميّ؟
* شاعر وأكاديمي ــ كتب هذا النصّ في مناسبة الأسبوع اللبناني للامتحانات الفصليّة في المدارس والجامعات