بغداد | رسّام الكاريكاتور أحمد الربيعي (1968 ـ 2014)، أحد أكثر الفنانين الذين حاولوا بثّ الأمل، سواء في أعماله الفنيّة أو في مواقفه وحواراته عن استشراف مستقبل ثان لبلده، رحل أمس في أحد مستشفيات مدينة أربيل في اقليم كردستان العراق. برحيله المفاجئ، كتب السطر الأخير من مسيرة شاقة ومليئة بالملاحقة والمنع والتهديد. توفي الرسام العراقي إثر مضاعفات التهاب رئوي، كان يعاني منه قبل مدة.
وفور انتشار خبر وفاته، توالت ردود الفعل التي نعت الراحل، وذكّرت بأنه غادر بغداد مجبراً تحت ضغط التهديد بالتصفية الجسديّة بعدما رسم بورتريهاً للمرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة في إيران علي خامنئي، ونشره في صحيفته «الصباح الجديد» التي كان يعمل فيها منذ تأسيسها. عندها، اضطرّ لمغادرة بغداد صوب كردستان استعداداً للهجرة إلى الخارج (الأخبار 15/2/2014). لكن مضاعفات الالتهاب الرئوي تمكنت منه، فرحل في ساعات فجر الأربعاء.
في تأبينه، كتب رسام الكاريكاتور خضير الحميري على صفحته على الفايسبوك: «بقلب يعتصره الحزن والألم، أنعي لأصدقائي وأحبتي وفاة صديقي فنان الكاريكاتور الرائع أحمد الربيعي في أحد مستشفيات أربيل صباح اليوم بعدما أصيب بالتهاب رئوي حاد. خسارتنا وخسارة الصحافة وفن الكاريكاتور برحيلكم كبيرة أيها الفنان الحبيب». من جهته، كتب الفنّان المغترب في لندن فيصل لعيبي «خسارة جديدة لمبدع كبير من مبدعي فن الشعب الحقيقي (الكاريكاتور)، وسلاح المقموعين من كل الأنواع. له الذكر الطيب والصبر والسلوان لأهله وأصدقائه ومحبيه. يبدو أنّ لبعض معممي المجتمع جنوداً من عسل».
ومما عرف عن الربيعي في الرسم أنّه صاحب أسلوب بسيط يستثمره لتوظيف أفكار خلاقة تتجسد في ملامح الوجوه وتعابيرها واقتناص مشاهدات من الحياة وتقديمها في إطار فني ساخر. وصف بأمهر رسامي البورتريهات في العراق، وهو الفن الذي تميز به وجعله يرسم أشهر الشخصيات في العالم عبر صحيفة «الصباح الجديد»، سواء من زعماء ورؤساء، مثل غاندي، وياسر عرفات، وأوباما، وروحاني، وأردوغان، أو شخصيات سياسيّة مثل الأخضر الإبراهيمي، وأدباء وفنّانين مثل محمد مهدي الجواهري، وسعدي يوسف، وشيركو بيكه س وزها حديد. لم تجعله مهنة الكاريكاتور يعيش حياة طبيعية ومستقرة. مُنع من الرسم بأوامر من عدي صدام منذ عام 1993 وحتّى عام 2003، ثم هدّده تنظيم «القاعدة» اثر رسومات نشرها عام 2005. والشهر الماضي، تعرّض لتهديد جماعات مجهولة بالتصفية الجسديّة بسبب ما رسمه من بورتريه لخامنئي.
نشر الراحل في الصحافة العراقيّة منذ عام 1987، وأقام عدداً من المعارض الشخصيّة في بغداد، ومصر، وشارك في معارض دولية في تركيا، ورومانيا، وفرنسا، واليابان. وصدر له كتاب «كاريكاتور أسود» (2006 ـ دار ميريت).