كشفت الأكاديميّة السويديّة أخيراً أسماء المرشّحين لجائزة «نوبل» للأدب لعام 1969، بعد مضيّ خمسين عاماً كما تنصّ قوانين الأكاديميّة. نال الجائزة في ذلك العام الكاتب الإيرلنديّ صمويل بيكيت من بين 103 مرشّحين، عشرة منهم سينالون الجائزة لاحقاً: الروسيّ ألكسندر سولجنتسن (1970)، التشيلي بابلو نيرودا (1971)، الألمانيّ هاينرش بُل (1972)، الأستراليّ باترك وايت (1973)، السويديّان آيفند يونسن وهاري مارتنسن (1974)، الإيطاليّ إيوجنيو مونتال (1975)، البلغاري إلياس كانيتي (1981)، الفرنسيّ كلود سيمون (1985)، الألمانيّ غونتر غراس (1999). سنتذكّر ـــ بالطبع ـــ أسماء لم نكن لنتذكّرها لولا ورودها في القائمة، وسنقرأ أسماء أخرى لكتّاب لم ينالوا الجائزة (أو ربّما لم تنلهم لو شئنا الدقّة)، مثل خورخي لويس بورخيس، وباول تسيلان، ورونيه شار، وفردرش دورنمات، وأندريه مالرو، وفلاديمر نابوكوف.شهد ذلك العام وجود مرشَّحَيْن عربيَّيْن: توفيق الحكيم للمرة الأولى في تاريخه، رشّحه شوقي ضيف أستاذ الأدب العربيّ في جامعة القاهرة. أما طه حسين، فقد ظفر ذلك العام بترشيحين جديدين من سعد زغلول عبد الحميد أستاذ الأدب الإسلاميّ في جامعة الإسكندريّة، ومصطفى الأمير أستاذ التاريخ الفرعونيّ في جامعة القاهرة، ليصل عدد ترشيحاته إلى عشرين ترشيحاً (نصفها من مؤسسات وأفراد أجانب) في ثلاثة عشر عاماً بين عامي 1949 و1969. ويمكن لنا أن نرجّح ترشيحه عدة مرات خلال الأعوام التالية حتّى وفاته عام 1973 من دون أن ينال الجائزة التي اقتصرت عربياً (في الأدب) على نجيب محفوظ الذي نالها عام 1988.
يعيدنا كشف أسماء مرشّحي عام 1969 إلى السؤال الدائم: «ما المعيار الذي تبني عليه الأكاديميّة قرارها؟» الإجابة، بكل بساطة: ما من معيار واضح. إذ لا يمثّل عدد الترشيحات مؤشّراً حاسماً: رُشِّح بيكيت 23 مرة في ثماني سنوات ثم نال الجائزة، ويمكن لنا الحدس بأنّ عدد ترشيحات طه حسين سيساوي عدد ترشيحات بيكيت أو يفوقها ولكنّه لم ينل الجائزة. في المقابل، شهد عام 1969 ترشيح ألكسندر سولجنتسين للمرة الأولى بثلاثة ترشيحات، ثم نال الجائزة في العام التالي مباشرة لأسباب سياسيّة أكثر من كونها أدبيّة. وكذلك، فإنّ قوّة تأثير الكاتب ليست عاملاً حاسماً، إذ لن نجد من ينافس بورخيس في حضوره في آداب العالم كلّها بلا استثناء، ولكنّ ذلك الحضور الطاغي لم «يؤهّله» لنيل الجائزة التي نالها كتّاب لا يتذكّرهم أحد إلا حين نستعرض تاريخ الجائزة. ولا يمكن لنا أن ننسى فضيحة عام 2016 حين تذكّرت الأكاديميّة السويديّة الأدب الأميركيّ بعد تجاهلها له 23 عاماً، ثمّ منحتها لبوب ديلن في صفعة مؤلمة لقافلة فرسان الأدب الأميركيّ سرداً وشعراً. وبذا لن نستغرب لو واصلت الجائزة تجاهلها لأدونيس آخر الأدباء الكبار الذين يستحقّون الجائزة، إذ بلغ التسعين، وتبخّرت آماله بنيل الجائزة تقريباً، كي تمنحها لأحد أدباء الغفلة الذين منحتهم الترجمات الأجنبيّة حضوراً لا يستحقّونه.