لم يكن مستغرباً ما ورد في حلقة يوم الجمعة من «حديث الساعة» (تقديم عماد مرمل) على «المنار». لم يكن مستغرباً تسويغ قمع حرية التعبير والإعلام على لسان جهات يفترض أنها حامية لهذه الحريات. خُصِّصت الحلقة لما يتعرض له الإعلام من إرهاب أكان مكتوباً كصحيفة «الأخبار» التي مثّلها مدير التحرير الزميل وفيق قانصوه أم مرئياً كقناة «الجديد» التي تحدث باسمها مدير العلاقات العامة إبراهيم الحلبي.
في الحلقة أيضاً، كان هناك تمثيل للجهات الرقابية والنقابية عبر «المجلس الوطني للإعلام» ورئيسه عبد الهادي محفوظ، ونقيب المحررين الياس عون مع مداخلة لوزير الإعلام رمزي جريج. مداخلة أثارت الاستغراب لجهة تقييم ما حدث مع «الأخبار» على خلفية مقال الزميل إبراهيم الأمين الشهير الذي أحيل على النيابة العامة (الأخبار 4/3/2014).
محاور عدة طرحتها الحلقة راوحت بين ظاهرة الدعاوى القضائية بحق الصحافيين وتهديدها حرية الرأي وبين الكلام عن التوفيق بين الحرية الإعلامية والأصول المهنية والقانونية. من هنا كانت الحاجة الى «استنفار الصوت والصورة إزاء ما يحدث» على حدّ تعبير مرمل. استنفار لم يؤتِ أكله استناداً الى ما ورد في «حديث الساعة» بسبب المواقف التي صدرت من منبرها. نقيب المحررين الذي قال سابقاً إن «مثول الصحافة أمام القضاء لا يعني منعاً للحرية» كرّر هذا التصريح. أما محفوظ، فكان موقفه شبيهاً بالنقيب مع تسجيل لحدة تجاه ما حصل مع «الأخبار»، وتحديداً مع الزميل إبراهيم الأمين قائلاً: «أنا لست مع هذه الطريقة في النقد ولست مع هذا التوقيت في الكلام عن جوازات سفر». ثم سأل: «من سرّب هذه المعلومات للصحيفة؟»، مغلّفاً سؤاله بالحديث عن «الدقة في إيراد المعلومة» ومتناسياً أحد أهم «امتيازات» الصحافي: حقّه في عدم ذكر المصدر بحسب وفيق قانصوه. الأنكى كان تبرير تقييد حرية الإعلام تحت عنوان «المناخ المتشنج المنقسم طائفياً وسياسياً في لبنان». لكنّ قانصوه ردّ عليه بأنّ وضع لبنان كذلك منذ 50 عاماً «فهل تريدوننا أن نكون صحافة استقبَل وودّع؟».
وزير الإعلام الذي وصف نفسه بـ «المدافع الأول عن الحريات الإعلامية» أكمل الصورة القاتمة التي أعطاها محفوظ عن وضع حرية التعبير والرأي. تحدث بأنّ «من حق النيابة العامة التحرك تلقائياً وفقاً للقانون عندما يمسّ الموضوع رئيس الجمهورية». هكذا، أسقط حق الصحافة في انتقاد موقف سياسي، منتقداً ما نشر في «الأخبار» بوصفه «مقالاً ذا طابع سياسي (...) وأن رئيس الجمهورية هو رئيس البلاد وحامي الدستور». وسط هذه الأجواء القاتمة لمستقبل حرية الصحافة في لبنان، انتقد إبراهيم الحلبي أداء الدولة وتلكؤها عن واجباتها لحماية «الجديد» التي قُطع بثّها في طرابلس بعد تلقّيها تهديداً من «نجم قادة المحاور» زياد علوكي. تطرّقت الحلقة إلى الاستنسابية المستشرية في الإعلام المرئي الذي خالف مراراً دفتر شروط «المجلس الوطني للإعلام»، فما كان من محفوظ الا التبرير بأن هذه القنوات تحميها الطوائف وأهل الساسة! ما يعيد التساؤل إلى الاستنسابية في التضييق على الصحافة المكتوبة التي تنتظر قوانينها التعديل لتصل الى مرحلة «الحق بالتشهير» وأعلى سقف حرية ممكن كما أورد وفيق قانصوه. ودعا الأخير الى تعديل قانون المطبوعات وألا تكون المجالس المعنية كالمجلس الوطني ونقابة المحررين حارسة للقوانين المرعية، بل يجب أن تسعى الى «رفع سقف القوانين لمساعدة الصحافي على أداء وظيفته الحقيقية وهي كشف الفساد ومراقبة العاملين في الشأن العام». وأشار إلى أنّه لا يجب أن تكون هناك حصانة للعاملين في الشأن العام أياً كان منصبه، مضيفاً أنّ «»الأخبار» ليست ضد القضاء ولكنها ضد الاستنسابية في القضاء، وهذا ما ينطبق على قضية ابراهيم الأمين.


يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab