هل يبدأ ربيع «تلفزيون لبنان» في آذار (مارس)؟ سؤال فرضه اقتراب الساعة الصفر لموعد انطلاقة جديدة لهذه الشاشة بين الأسبوعين الثاني والثالث من آذار (مارس). في انتظار الإجابة «مباشرة على الهواء»، تتسارع وتيرة الورشة التأهيلية في محاولة لضخّ الدم في العروق اليابسة لمحطة تسرّب الصدأ الى مفاصلها. حلة جديدة يفترض أن تعيد الحياة الى الشاشة الباهتة، مع افتتاح استديو أخبار عصري، وآخر للبرامج العامة بتقنيات متطورة، وإطلاق شبكة برامجية منوعة، تشمل برامج حوارية سياسية وتربوية ورياضية وأخرى للمسابقات والترفيه.
من حيث الصورة، تم تحسين نوعيتها مع اعتماد نظام «فايبر أوبتيك»، على أن يزيّن الانطلاقة الجديدة شريط إخباري متجدّد ولوغو مستحدث يحمل لوني العلم اللبناني الأحمر والاخضر، وتمر أسفله كلمة لبنان بالعربية والأجنبية لمخاطبة المغترب اللبناني.
وستُعزز نشرات الأخبار بوجوه جديدة. يطل عبر الشاشة مقدمان جديدان، وأربع محررات في التلفزيون تم تدريبهن بإشراف بسام براك، هنّ كاتيا شقير، أريج خطار، ميراي إبراهيم، وهبة عياد، الى جانب الوجوه المألوفة مثل ندى صليبا وغادة العريضي وابتسام عكوش.
يأتي ذلك حصيلة عمل سبعة أشهر، بدأت مع تعيين طلال المقدسي مديراً عاماً ورئيس مجلس إدارة التلفزيون في مهمة «إنقاذية» مؤقتة، بموجب قرار قضائي، على أن يحسم مجلس الوزراء الجديد مسألة تعيين مجلس إدارة جديد ومدير عام. لم يكن دخول المقدسي الى التلفزيون سهلاً بعد 14 عاماً استمر خلالها الراحل إبراهيم الخوري في الإدارة. شعر بحمل ثقيل لدى دخوله حرم المؤسسة المهملة، وهو أساساً ابن «تلفزيون لبنان»، إذ كان قد عُيّن في القسم التجاري عام 1970. في المقابل، شعر بعض الموظفين بأن المدير الجديد جسم غريب يهدد «تقاليدهم» في العمل، مع اتخاذه قرارات تنظيمية أثارت استياءهم، فيما رآه آخرون رجلاً ديناميكياً وصاحب رؤية عصرية في الإدارة. المفارقة أنّ المقدسي تحول عازفاً منفرداً في ظل غياب مجلس الإدارة، بعدما اقتصر على عضو واحد هو جوزف سماحة. حتى إنّ بعض الموظفين يصف المقدسي بـ«وان مان شو».
لكن ماذا يقول المقدسي نفسه؟ يتحدث عمّا أنجزه وعمّا لم ينجزه، يقلّب أوراقه، يقرأ بعض القرارات تارة، والقوانين طوراً. يعرض صوراً تعكس مشاهد متناقضة لاستديوات بدائية قبل التأهيل ولأخرى بعده. وسرعان ما يصحبنا إليها في أسفل المبنى لنعاين عن قرب التغييرات. لكن ألا تعتقد بأن الانطلاقة الجديدة تظل متواضعة قياساً بالمراحل التي قطعتها المحطات الأخرى؟ يرد: «المقارنة يجب أن تكون بين ما كان عليه «تلفزيون لبنان» وما سيصير عليه بدءاً من منتصف آذار». ويتابع: «عندما تسلّمت التلفزيون دمعت عيناي لهول ما شاهدته. ترهّل تام، موظفون خائفون على مستقبلهم، شاشة بدائية تعتمد وحدها نظام «الأنالوج» فيما بقية الشاشات تقوم على «الديجيتال»، الأرشيف مكدس في غرف مظلمة يأكلها الغبار والرطوبة. لا كومبيوترات تليق بقناة، لا هيكلية إدارية، لا شبكة معلوماتية، لا متخصص غرافيك، ومثقفون يحملون الدكتوراه يعملون سائقين، وآخرون غير مؤهلين يتسلّمون مواقع قيادية».
ما الذي تستند إليه البرامج الحوارية السياسية الجديدة؟ يردّ: «نتجنّب استضافة الصقور من الاطراف السياسية. التلفزيون منبر للتوافق ويجب أن يكون مرآة للوطن وليس للدولة». ولماذا تغيب الدراما عن الشبكة البرامجية الجديدة؟ يجيب: «الموضوع قيد البحث، ويتطلب استثمارات كبيرة. سنقوم بتأهيل الاستديوات في الحازمية للبدء بتصوير الدراما، بعيد تسلّمنا سلفة الخزينة التي أقرّت لنا قبل ثلاثة أشهر، وقيمتها مليار ونصف مليار ليرة». وعن الميزانية السنوية، يقول: «كنا نحصل من وزارة المالية على مبالغ معينة خلال الأشهر الاربعة الأولى، تبعاً لميزانية عام 2005، والمقدّرة بـ542 مليون ليرة سنوياً. كانت تكفينا «عالقد». لكنها لم تساعدنا على إحداث انطلاقة جديدة. قمنا بترشيد النفقات، وإلغاء بعض البنود المالية لمصلحة بعض الموظفين، وتوفير رواتب مجلس الادارة (اختصر ستة أعضاء حالياً بعضو واحد)، والحد من الهدر. ثم طالبنا وزارة المالية بحصة التلفزيون الموافق عليها في إطار موازنة عام 2011، والبالغة ملياراً و83 مليون ليرة سنوياً. بدأنا بالإفادة منها فعلياً بدءاً من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، قمنا بالخطوات التأهيلية». الأمر لا يتوقف هنا. أبراج الإرسال في التلفزيون تخضع اليوم للتأهيل بما يتوافق مع متطلبات البث الرقمي الذي يجب الانتقال إليه قبل حزيران (يونيو) 2015. بدونه، ستتوقف كل القنوات عن البث في لبنان. ويعبّر المقدسي عن قلقه من التراخي «الرسمي» في هذا الموضوع، علماً بأنّ لجنة تألفت لهذا الغرض ضمّت ممثلين عن وزارتي الاعلام والاتصالات، لكنّ أعمالها مجمدة منذ أكثر من سنة. ويناشد اللجنة التحرك، مشيراً الى أنّ الأمر يتطلب تأهيل 36 برج إرسال في لبنان، 19 منها عائدة لـ«تلفزيون لبنان». ماذا عن الأرشيف؟ يوضح أنه تم تأهيل ستة مكاتب يملكها التلفزيون في مبنى في سنّ الفيل، ونقل إليها الارشيف من محطة الحازمية بعد نسخه وفق نظام «ال. تي. أو.»، في انتظار نقل القسم الآخر من مبنى تلة الخياط. وماذا عن صرف بعض الموظفين تعسّفاً؟ يجيب: «لا يحق لي صرف أو توظيف أحد، بناءً على صلاحياتي المؤقتة، بل التعاقد لمدة لا تتجاوز سنة. وكان عدد الموظفين 218 وأصبح اليوم 219. كل ما حصل أنّني طلبت من عبيدو باشا تقديم ثلاث حلقات أسبوعية من برنامج «صباح الخير يا لبنان» لوقوعه في الرتابة. لاحقاً، فوجئت بادّعائه علينا بالصرف التعسفي، فادّعيت عليه بتعطيل العمل. أما ريمون الخوري فكان شقيق المدير العام الراحل إبراهيم الخوري الذي كلّفه بتسهيل معاملات برنامج «مشاكل وحلول». وكان يتقاضى راتباً يفوق راتب المعدّ والمقدّم». ورداً على تصنيفه أنه رجل اقتصادي وليس إعلامياً، يشير الى أنّه مؤسّس ورئيس مجلس إدارة أكبر مجموعة إعلامية وإعلانية في الشرق الأوسطThe Group.
هل يمكن أن يكون «تلفزيون لبنان» منافساً؟ يجيب: «ليس بالضرورة، المهم أن يكون مكملاً لما تفتقده الشاشات الأخرى. معظمها يعتمد على الإثارة والمنفعة التجارية، ومهمتنا نحن العودة الى التربية والأخلاق».




شذا وسنا والأخريات

تضم الشبكة الجديدة برنامجاً صباحياً يشارك في تقديمه خمسة إعلاميين، وبرنامجين حواريين سياسيين تقدم الأول الزميلة شذا عمر، والثاني يجري التفاوض مع مقدمه وهو بعنوان «أنت الحكم» حول قانون الانتخاب. وهناك برنامج رابع رياضي يقدمه طوني خليل، وخامس «نسائي» تقدمه فيكي نادر حداد ويتمحور حول إنجازات قدمتها نساء، وبرنامج ترفيهي تقدمه سنا نصر بعنوان «سنا وين؟». ويعود برنامج «التحدي الكبير» الذي يقدمه كمال نخلة، بمشاركة طلاب الثانويات. كذلك تمّ التعاقد مع وزارة التربية لنقل جميع البطولات الرياضية المدرسية والجامعية عبر القناة في مراحلها نصف النهائية والنهائية، كما تم تجديد ديكور مطبخ الشيف أنطوان.