منى عبد الله*
لطالما كانت الدراما اللبنانية مجافية لواقعها، ولطالما تعرّضت لانتقادات بسبب تغرّبها عن واقعها، وذهابها نحو قصص بوليسية أشبه بالأفلام الهوليوودية. حين استبشر الجمهور خيراً مع بعض الأعمال التي أبصرت النور في الفترة الماضية، مثل «أماليا» (كتابة طارق سويد، إخراج سمير حبشي)، و«لأنّه الحب» (كتابة شكري أنيس فاخوري، إخراج إيلي فغالي)، جاء آخر الأعمال مخيّباً للآمال.

صحيح أنّ «ولاد البلد» (كتابة غريتا غصيبة، إخراج سمير حبشي، إنتاج «أونلاين بروداكشن») يتناول مواضيع من واقعنا اليومي المعيش، بل يقارب آفة الآفات فينا، ألا وهي الطائفية، لكنّه للأسف يعتمد أسلوب إثارة النعرات، ملقياً الضوء على الطائفية المستشرية من دون معالجتها أو تصويرها بمقاربة ومسافة نقدية.
لم يحد العمل عما اعتدناه في مسلسلاتنا اللبنانية من ضعف في السيناريو والحوار، إلا أنّ حلقة أوّل من أمس مثلت ضربة موجعة للمشاهدين من حيث «جرعتها» الطائفية الواضحة. نرى علاقة حب ناشئة بين «مهدي» و«عائشة»، على رغم اعتراض «عمر» شقيقها، الذي يحاول إنقاذها من براثن الشاب وطائفته. «مهدي» بشّر حبيبته بأنّه قدّم أوراق انتسابه إلى «مؤسسات الحريري» ليتعلّم ويعمل هناك. طبعاً، تكفي الأسماء للدلالة على طائفة الأشخاص. في مشهد آخر من الحلقة، يسأل «فراس» (بيتر سمعان) فادي إبراهيم عن رأي «الحزب» (يقصد «حزب الله») في مصنع النبيذ الذي يديره، فيجيبه الأخير: «هم لا يتدخلون أبداً»، قبل أن يقاطعه أحدهم قائلاً: «بل يحموننا».
لكن المعيب حقاًَ أن يكون التعريف الرسمي للترويج الذي تعتمده «المؤسسة اللبنانية للإرسال» هو مسلسل يتحدّث عن حبّ محرّم أجبر فراس المسيحي على ترك البلاد بعدما اكتشف خيانة حبيبته تمارا الشيعية (نادين الراسي). علماً أنّ والد فراس يكره تمارا بسبب انتمائها الطائفي الذي يؤثر على صورته في الانتخابات. بعد سبع سنوات من الغربة، يعود «فراس» إلى لبنان بسبب رجل أعمال لبناني أقنعه بالعودة، ووعده بأن يؤسسا شركة نبيذ في زحلة (البقاع) تحمل اسمه. قد يقول البعض إنّ من المبكر الحكم على المسلسل، لكن يبدو أنّ «المكتوب يُقرأ من عنوانه». وللأسف عنوانه مؤذٍ ومحرّض وغير مريح، كما أنّ الوضع بين الطوائف لم يصل بعد إلى الدرجة التي يصورها «ولاد البلد». ما زلنا نشهد زيجات مختلطة، ولم نسمع أنّ أحداً يخوّن الآخر بسبب انتمائه الطائفي كما ذُكر في الترويج للمسلسل. هكذا، تدور الكاتبة في حلقة مفرغة، سننتظر نتائجها في الحلقات الأخيرة لنرى ما إذا كانت ستصل إلى حلول مرضية، أم أنّها ستكتفي بالعرض المبالغ فيه للفكرة.
* منتجة برامج لبنانية

«ولاد البلد»: من الإثنين إلى الخميس (20:35) على lbci وldc