تونس | في سابقة أولى منذ تأسيسها، قررت «الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري» تغريم قناة «التونسية» مبلغ ١٠٠ ألف يورو تقريباً. جاء ذلك بعدما قرّرت المحطة إعادة بثّ حلقة من برنامج «عندي ما نقلك» الذي يقدّمه علاء الشابي. بذلك، تمرّدت المحطة على قرار الهيئة بعدم بثّ الحلقة بدعوى أنّها تحوي «معلومات خاطئة تمسّ كرامة مواطن، وتتعلق بإثبات نسب». وقد تظلمت عائلته ولجأت إلى القضاء من أجل إيقاف بث الحلقة، وهو ما لم تلتزم به القناة.
هذه القضية هي الأولى من نوعها في المشهد الإعلامي بعد أشهر على انطلاق عمل الهايكا (الاسم المختصر للهيئة). وستكون بلا شك من بين المواضيع التي ستثار اليوم في المؤتمر الصحافي الذي ستعقده الهيئة. خلال هذا اللقاء، ستقدّم الهيئة للمرة الأولى كراس الشروط الذي يجب أن تلتزم به كل القنوات التلفزيونية والإذاعات حتى تحصل على ترخيص البث. وفي تعليق على قرار الهيئة بتغريم «التونسية» وشركة «كاكتوس» المنتجة لبرنامج «عندي ما نقلك» (تلفزيون الواقع)، قال الأمين العام للنقابة الوطنية للصحافيين المنجي الخضراوي لـ«الأخبار» إنّ الهيئة محقة، و«طالب كل المحطات الإذاعية والتلفزيونية بالالتزام بقرارات الهيئة لأنها دستورية ضامنة لوقف الفوضى وتجاوز القانون وصيانة أخلاقيات المهنة». وأكد عضو الهيئة هشام السنوسي لـ«الأخبار» أنّ مجلس الهيئة سيتخذ القرار المناسب في وقته إذا رفضت قناة «التونسية» الالتزام بقرار وقف بث البرنامج لمدة شهر، مشيراً إلى أنّه لا مشاكل شخصية للهيئة مع أي جهة، لكنها تعمل وفق القانون. من جهة أخرى، اضطر وزير الداخلية لطفي بن جدو والوزير المعتمد لديه المكلف بالأمن رضا صفر الى الاعتذار للصحافيين بعدما اعتدى عدد من قوات الأمن على الصحافيين أثناء تغطيتهم الاحتجاجات التي قام بها أنصار عماد دغيج زعيم منظمة «رجال الثورة بالكرم». وكان دغيج قد أودع السجن بعد نشره فيديو يطالب فيه أنصاره بحرق مقارّ الأمن احتجاجاً على نية الحكومة حل ميليشيات «رابطة حماية الثورة». واعتبرت «جمعية الصحافيين الشبان» أنّ هناك مسعى ضمنياً من الأمن لإعادة ممارسات نظام بن علي في التضييق على الصحافيين أثناء أداء عملهم.
وقال رئيس «جمعية الصحافيين الشبان» رؤوف بالي إنّ مبادرة الوزيرين إيجابية لأنّ الاعتذار يعني «ضمان عدم تكرار الاعتداءات على الصحافيين»، علماً بأنّ الوزارة كانت قد أصدرت مدونة سلوك في التعامل بين قوات الأمن والإعلاميين.
ورغم الفوضى التي يعيشها قطاع الإعلام منذ «١٤ جانفي ٢٠١١»، إلا أنّها تبقى أفضل من تكميم الأفواه الذي كان عليه المشهد سابقاً. يأمل الإعلاميون أن لا يكون تطبيق القانون والإجراءات الجذرية مقدمة للقضاء على مساحة الحرية بدعوى مقاومة الإرهاب!