الطقس في المكسيك مشمس. قرّر عازف الغيتار الإسباني باكو دي لوتشيا (1947 ــ 2014) أمس اصطحاب عائلته إلى الشاطئ للترفيه. ترفيه تحوّل من دون سابق إنذار إلى فاجعة للعائلة وخسارة في عالم الموسيقى، إذ أصيب باكو بنوبة قلبية حادّة وتوفّي فيما كان يلاعب ابنه. باكو دي لوتشيا شخصية غنيّة عن التعريف. عمره 66 سنة. قضى من هذه السنين أكثر من خمسة عقود بصحبة غيتاره، وخصوصاً في حقبة الستينيات والسبعينيات التي عرفت نشاطاً استثنائياً في مسيرته الفنية.
ألّف، عزف، ارتجل، واستخرج من آلته أصواتاً وجملاً غير مسبوقة في الفلامنكو، فبات من أهم رسله في التاريخ. له أيضاً مساهمات عدّة في الجاز والموسيقى الكلاسيكية. سجّل أو شارك في تسجيل عشرات الألبومات (أوّلها في أواسط الستينيات) وجال العالم مقدّماً مئات الحفلات. واحدة من آخر حفلاته، تلك التي أحياها هذا الصيف ضمن «مهرجانات بيبلوس» في لبنان. يعيش باكو بين إسبانيا والمكسيك، ويجول العالم لإحياء الأمسيات أمام الآلاف من جمهوره. اليوم، ترك هذا الجمهور، لكنه ترك له أيضاً تسجيلات كثيرة ولحظات حيّة لا تمحى من ذاكرة من شهدوا عليها.
يتمتع باكو بشهرة تفرض انتشار خبر وفاته بسرعة وسهولة في العالم. غير أنّنا علمنا منذ بضعة أيام أن عملاقاً آخر من عازفي الغيتار تركنا في 10 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. إنه جيم هول (1930 ــ 2013) الذي نستغل الفرصة اليوم لتحيّته لمعرفتنا المتأخرة بوفاته، مع الأسف.