في ختام كتابه «ما وراء الخير والشرّ»، يقول نيتشه: «قد أذهب إلى درجة المخاطرة في تصنيف الفلاسفة تبعاً لقابليّتهم على الضحك». كان الفيلسوف الألماني يزدري نظراءه ممن «أسبغوا صيتاً سيئاً على الضحك». ولعلّ هذا الفن الذي يشكّل إحدى أهم الوسائل العلاجية في عصرنا، هو أكثر ما نحتاج إليه في لبنان. وشهر الفرنكوفونية يأتي ضاحكاً هذا العام مع مجموعة كبيرة من العروض الارتجالية وعروض الـ «ستاند آب» وغيرهما.
الافتتاح سيكون مع الكوميدي جوس هوبن (28/2 حتى 1/3 ) على مسرح «مونتاني». سيقف هذا الفن وجهاً لوجه مع مختلف المواقف الصعبة والمؤلمة التي نعيشها. اشتهر الفنان البلجيكي بأعماله الـ «بورليسك» (السخرية المضخّمة) العبثية التي تنقّلت بين مسارح بريطانيا و«برودواي» في نيويورك. في عرضه «فن الضحك» الذي نشاهده في بيروت، يترصّد الفنان حركاتنا، وتصرّفاتنا ليحولها مادةً مليئة بالفكاهة. وحده على الخشبة في عرض أشبه بالمحاضرة، نراه يشرّح آليات الضحك، محللاً أسبابه وتأثيراته. لا شيء يفوت عينه وسخريته بدءاً من الخطوات الأولى المتعثرة للطفل إلى طريقة لفظ اسم الجبنة في المطعم.
أيضاً، سيتاح لمتّتبعي الـ «وان مان شو» جو قديح مشاهدة آخر خمسة عروض مسرحية جمعها في باقة واحدة تحت عنوان «جوجو» تقدّم في سهرتين متتالتين على المسرح عينه (18/3 و 19/3 ـــ س: 20:30). كالعادة، اختار الفنان الـ Best of من اسكتشاته التي يسلّط فيها نظرة نقدية ساخرة على المجتمع اللبناني المليء بالتناقضات وعشق المظاهر. في الأجواء عينها لكن على «مونو»، تعود بيتي توتل بمسرحيتها «جواز سفر رقم 10452» (9/3 ـ س: 20:30) بعد نجاح عروضها الأولى في بيروت ومونتريال. كوميديا سوداء عن عائلة لبنانية تتنازعها الرغبة في الهجرة إلى كندا أو البقاء في لبنان في ظلّ الظروف الأمنية والسياسية والاجتماعية التي تعصف به. إشكالية قديمة/ جديدة تواجه اللبنانيين الذين بات نصفهم حاملي جنسيات أجنبية، في مقاربة لموضوع الهوية ضمن نصّ طريف ومحبوك وبنية متينة من حيث تركيب المواقف الساخرة.
وللسنة الـ 15 على التوالي، يحتفي «مونو» بـ «مهرجان الرواة والمونودراما» (11/3 حتى 16/3) بالإشتراك مع «المعهد الفرنسي في لبنان» مع استضافة رواة فرنسيين ولبنانيين وأفارقة وأيضاً من كوبا. نسخة جديدة يتنظرها العديد من المهتمين تحمل هذا العام عنوان «المرأة» نابشةً الحكايا المهددة بالاندثار بفعل العولمة. فن الرواية والإصغاء سيكون له موعد آخر (13/3) لكن في «المعهد» مع الافريقية كوراليا رودريكز التي ستضع خبرتها الممتدة لأكثر من 30 عاماً بين أيدي هذا الجيل في اتقانها لفن الرواية الشفهية، إذ ستتشارك معه رحلة الأغاني التراثية والأشعار التي عاصرها أجدادها.
هذه الأجواء التفاعلية سيكون لها محطة أخرى في فن الإرتجال. ستنظم مسابقة لهذا الهدف على «مسرح الجميزة» (21/3 ــ س: 18:00) من تنظيم «الوكالة الجامعية للفرنكوفونية» وسيتبارى المتسابقون من مختلف الجامعات اللبنانية على اختبار اللعب على الكلمات وعلى مجموعة اسكتشات يشرف عليها الكوميدي نبيل دغشان، وتتألف لجنة التحكيم من ممثلي السفارات الفرنكفونية في بيروت. دغشان أيضاً سيضع بين أيدي تلامذة «الجامعة الإسلامية» في صور (29/3) أدوات فن الإرتجال المحفّز للمخيلة وللتعبير والتفاعل مع الآخر بصدق وعفوية، بالإضافة الى تعليمهم كيفية الإلقاء واستخدام أجسادهم وتقنيات يفترض أن يمتلكها الكوميدي.
رحلة أخرى مع الضحك لأشهر فرقة في فرنسا: إنّها الـ les Z' indépendants التي حطت في بيروت لتقدم «كباريه الإرتجال» (22/3 ــ س:20:00) على مسرح «مونتاني» مع 4 كوميديين وعازف ساكسوفون سيطلقون العنان للمخيلة وللمواقف الساخرة المضحكة لدى ترك الجمهور حرية اختيار المواضيع التي ستتجسد على المسرح. فرصة ثمينة لمشاهدة هذه الفرقة التي انطلقت في العام 2004 في باريس مع ممثلين هم في الواقع مجانين ضحك حتى الهذيان، لتلاقي شهرة واسعة في العاصمة الفرنسية مع أكثر من 150 عرضاً جذبت ما يناهز 5600 مشاهد.

يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab