أكثر الانتقادات تكراراً على لسان منتقدي برنامج «البرنامج» (الجمعة ــ 22:00 على «mbc مصر») هي استخدامه لألفاظ وتعابير «خادشة للحياء»، مؤكدين أنّ عبارة «للكبار فقط» التي تسبق عرض كل حلقة لا تمنحه الحرية الكاملة لإطلاق ما يريده من تلميحات. أصحاب هذا الرأي لا يعترضون أبداً على انتهاك أي برنامج آخر المعايير، خصوصاً إذا كان الهدف كشف المخططات التي يقوم بها البعض لـ«هزّ استقرار مصر».
بناءً عليه، تحوّل الصحافي والباحث عبد الرحيم علي، صاحب برنامج «الصندوق الأسود» على شاشة «القاهرة والناس»، إلى مقدم برامج «وطنية» من خلال بث تسجيلات خاصة لمكالمات بين ناشطين معروفين بانتمائهم إلى «ثورة يناير»، أكدوا فيها أنّ إخلاصهم للثورة لم يكن من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
كان الشارع المصري، وفي قلبه من شاركوا في «ثورة يناير»، يدرك أنّ معظم من تحدثوا باسم الثورة خذلوا مبادئها لاحقاً. لم يكن هؤلاء بحاجة إلى اختراق خصوصية الناشطين للتأكد من الأمر، لكن رسالة عبد الرحيم علي موجهة بالأساس إلى الجمهور المحايد، المطلوب منه أن يكره كل ما يمتّ إلى «ميدان التحرير» بصلة والتشكيك في أي شخص سيدعو إلى تحرّك جماعي مستقبلاً، أيّاً كانت أهدافه. وبالتالي، لم يتوقف هؤلاء عند مصدر التسجيلات التي عرضها علي، وما إذا كان يحق له عرض مكالمات خاصة. هنا، لم تجد هذه الاستفهامات أي تفسير، ولم تتدخّل أي جهة رسمية لوقف هذه المهزلة الإعلامية التي قد تتكرر كلّما أراد القائمون على الإعلام المصري «حرق» أي شخصية انتهى دورها. على خط موازٍ، عرض وائل الإبراشي (الصورة)، مقدّم برنامج «العاشرة مساءً» على «دريم»، تسجيلاً صوتياً لطاقم طائرة عسكرية مصرية أسقطت قبل أسابيع. التسجيل بُثّ بعد يومين من سقوط الطائرة واستمع الملايين إلى أصوات الضحايا وهم يردّدون الشهادتين، قبل أن ترتطم الطائرة بالأرض. كالعادة، رحّب المؤيدون لهذا الأسلوب بما فعله الإبراشي، رغم أنّه سيسهم في تأجيج الصدور الغاضبة أساساً من الإخوان المسلمين والجماعات التابعة لهم. في المقابل، تراجعت الأصوات المستنكرة لبثّ تسجيلات صوتية لأشخاص رحلوا. كذلك، لم تستجب معظم القنوات المصرية للانتقادات التي طالتها بسبب بثّ صور ضحايا العاصفة الثلجية التي ضربت مدينة سانت كاترين الأسبوع الماضي، وتابع المتفرّجون صوراً لثلاث جثث مات أصحابها متجمدين، فيما تفرّد موقع جريدة «الشروق» بالاعتذار عن نشر الصور لاحقاً، وقرّر إزالتها من الأرشيف.

يمكنكم متابعة محمد عبدالرحمن عبر تويتر | @MhmdAbdelRahman