هدمكان من المقرر انتقال مسرح «سيتيرن بيروت» من مركزه الحالي إلى مكان آخر في أواخر شهر نيسان (أبريل) 2020، ولأسباب خارجة عن إرادتنا لم نتمكّن من الاستحصال على التراخيص اللازمة لبقائه حتى ذلك الحين. ما يعني هدم مركز ثقافي آخر في العاصمة وإغلاق متنفّس للفكر والتعبير الحر، ربط العاصمة بالمشهد العالمي للفنون الأدائية وعكس وجه بيروت الثقافي والمنفتح والمتجدّد.

أسف
نتقدم بخالص الشكر والأسف من الفنانين والشركاء المحليين والدوليين، والجمهور العزيز الذي رافقنا كل تلك السنوات وخاصة متتبعي «بايبود». ونعتذر منهم سلفاً على هذا القرار الذي تخسر معه العاصمة ولبنان موقعاً ثقافياً وازناً ومهماً. خصوصاً في فترة أكثر ما نحتاجه فيها، هو الثقافة، في زمن يسيطر عليه الخطاب العنصري المغلق والطائفي، وتتراجع فيه القيم الفنية والفكرية.

تهميش
نتمنى من الجميع تقدير وضعنا، وتفهّم ألمنا ونحن نكتب هذه السطور. لكننا نرى أننا وبعد سبعة عشر عاماً من الجهد والعمل لترسيخ مشهد استثنائي للرقص المعاصر في لبنان والعالم العربي، لا نستطيع الاستمرار من دون أبسط وسائل الدعم من المعنيين الذين يتحملون كامل المسؤولية. يعز علينا أن نجوب المسارح والمهرجانات العالمية، كمهرجان أثينا والبولشوي وروما أوروبا ويوليدانز، وغيرها الكثير، لتمثيل بلدنا الذي نحب، ثم نعود لنجد أن ما ينتظرنا هو العرقلة والتهميش، نحن وغيرنا، كأننا نستعطي أو نستجدي مكسباً فردياً.

دعوة
نتمنى أن تكون هذه السطور محفّزاً للوقوف في وجه القرارات والسياسات التعسفية، في وقت أكثر ما يحتاج إليه لبنان هو الوجه الثقافي والفني المنفتح. هذه السطور هي دعوة للتحرك وتغيير الوضع القائم. فليكن عنوان المرحلة القادمة هو #العصيان ـ الثقافي حتّى تسترجع الثقافة الفضاء الذي صودر منها في المدينة. يبدو أن مسلسل المنع والإلغاء مستمر، وكذلك مسلسل القهر والذل. ونحن نسأل: أهذا هو لبنان الرسالة ولبنان الحرف ولبنان الثقافة والانفتاح؟
ليكن عنوان المرحلة القادمة هو #العصيان ـ الثقافي حتّى تسترجع الثقافة الفضاء الذي صودر منها في المدينة


ضد
كمواطنين في هذا البلد نحتار في ما علينا فعله. كيف نتعامل مع هذا النظام السياسي والخدماتي في ظلّ الواقع الراهن المتردي؟ هل سيكون لبنان المستقبل بلداً تحاصره النفايات في كل مكان، فيما يضيق بمركز ثقافي؟ هل نقبل بالفراغ الذي نعيش، ونستسلم عن بناء روح الوطن من خلال القيم والثقافة؟ هل بلدية بيروت مع الثقافة أو ضدها؟ هل وزارة الثقافة في لبنان مع الثقافة أو ضدها؟ ماذا تريدون أكثر؟ لا نجد مقاربة تعبر عن هذا الواقع غير قناعتنا أنكم، إما عن جهل أو عن سابق تصور وتصميم، تهدمون مسرحاً لتبنوا محرقة. هل هذه سياستكم وهذه أفكاركم وهذه قناعاتكم؟

قرار
في الختام، قررت فرقة «مقامات»، ومديراها الفنيان عمر راجح وميا حبيس، أن تستمر بزخم وجهد أكبر، لكي تتخطى هذه المرحلة الخطيرة. سنكمل ما بدأناه بكل قوتنا، ونواصل جميع أنشطتنا الثقافية والفنية، بما في ذلك «مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر» BIPOD، وجميع ورش التدريب ومدرسة الرقص، إضافة إلى الإقامات الفنية لفنانين محليين وعالميين، وكل الإنتاجات والمساعدات. وقد بدأنا من هذه اللحظة في العمل على انتقال «سيتيرن بيروت» إلى مكان آخر وتأمين المساعدات اللازمة لإتمام هذا المشروع. ونحن نرحّب بكل دعم، أو نصيحة، أو مساعدة.