على الصعيد المحلي، بدا المنظار مختلفاً. فيما عُمل على الترويج لـ«صفقة القرن»، وتثبيت خطاب كوشنير في المنامة، كانت التغطية المحلية مختلفة، قاربت الهواجس اللبنانية ـ «المسيحية» تحديداً ـ في التركيز على رفض توطين الفلسطينيين في لبنان. مجموعة تقارير في نشرات أخبار أول من أمس، كانت كافية لرسم الصورة. فقد كان لافتاً بثّ عدة تقارير في النشرة الإخبارية (وصل إلى ثلاثة تقارير)، في محاولة لإبراز وجهة نظرها، والهاجس الذي يقضّ مضجعها. قناة lbci، التي تفاوتت تغطيتها بين تقرير وآخر، وتبعاً لمعدّته، تبنّت النبرة الحيادية، إثر الحديث عن «مؤتمر البحرين»، عبر إعادة تكرار معلومات نشرتها سابقاً الوكالات الإخبارية. نذكر هنا، تقرير نيكول الحجل، عن المؤتمر، وما أسمته «الترقب» الذي يسود السعودية ودول الخليج، حول إمكانية تقديم تبرعات مالية لـ«الخطة الأميركية»، مع إعادة التذكير بالمبلغ المرصود للأراضي المحتلة وباقي دول الجوار. الحيادية سمة انسحبت أيضاً على تقرير ثانٍ للمراسلة نفسها، حول الوجود الإسرائيلي الإعلامي في البحرين. اكتفى التقرير بإعادة سرد منشورات الصحافيين المشاركين، من دون اتخاذ موقف من هذا الأمر. بخلاف الحجل، كانت مراسلة المحطة ليال الإختيار، تقوم بجولة ميدانية في الشارع اللبناني، وفي المخيمات الفلسطينية. تقرير يختلف في اللهجة والتعاطي عن زميلتها. إذ يبرز موقفاً واضحاً من «صفقة القرن»، وشعور اللاجئين الفلسطينيين بـ «الخذلان العربي». لقطات من منطقتي الأشرفية والحمرا، وأحد مخيمات اللجوء الفلسطيني، استصرحت من خلالها الإختيار المارة، الذي عبّروا عن هواجس التوطين والأثر الديموغرافي على ذلك، وتعارضه مع روحية الدستور الذي يقرّ بالمناصفة. ومن lbci إلى mtv، التي بثّت أول من أمس، ثلاثة تقارير أيضاً في نشرتها المسائية، مع اختلاف مقاربتها للحدث. قناة «المرّ» أطلقت تسمية «خطة السلام لحلّ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي» على «صفقة القرن»، وركزت على تصريحات جايد كوشنير حول فلسطين وحرصه على «حقوقها».
mtv ترفض التوطين لكنّها لا تذكر الاحتلال!

تقرير ثانٍ (أعدته دنيز رحمة فخري)، كان أكثر وضوحاً. إذ وضع نصب عينه الوجود الفلسطيني في لبنان، وقالت رحمة في بدايته: «منذ التسعينيات، تبلّغ اللبنانيون أن التوطين مسألة وقت». بدت هذه الجملة مفتاحاً للتعبير عن خطر التوطين، والتخويف من حصوله. وأكثر من ذلك، ربطت المحطة «صفقة القرن» بـ«مؤتمر سيدر»، مع وجود الجهات المانحة نفسها، والخوف من عدم صمود لبنان طويلاً أمام المغريات المالية. وأنهت المعدّة التقرير بلهجة عالية نوعاً ما، إذ قالت: «لبنان لن يمنح الفلسطينيين شرعية البقاء»، والحلّ برأيها: «رفض التوطين وفرض العودة». لكن أيّ عودة من دون ذكر الاحتلال وزواله؟ وفي إطار تغطيتها للمؤتمر، أجرت المحطة حديثاً هاتفياً ضمن النشرة مع المتحدّث الرسمي باسم السلطة الفلسطينية صائب عريقات. واللافت في تغطية الإعلام المحلي، تحديداً «المسيحي» منه، تغييب قناة otv، للحدث ما خلا ذكر الصفقة في مقدّمة أخبارها، لصالح سرد أخبار محلية بحت، تضيع قيمتها مع ما يحصل حالياً في المنامة وما بعدها.