عيد الموسيقى وبداية الصيف. عيد الأب وذكرى رحيل عاصي الرحباني. إنها رموز الحادي والعشرين من شهر حزيران (يونيو) في لبنان. رموزٌ ينتظرها كلٌّ على طريقته وبترتيب مختلف من حيث الأهمية بين شخص وآخر. في ما خصّ عيد الموسيقى، القصة باتت معروفة: شراكة بين «المعهد الفرنسي في لبنان» وجهات لبنانية عدّة، على رأسها «سوليدير»، لتنظيم احتفالات في الوسط التجاري للعاصمة، وأخرى هامشية في المناطق، برعاية وزارتَي الثقافة والسياحة. أضف إلى هذه النواة الأساسية، إحياء متفرّقاً للعيد في بيروت وخارجها، غير تابع تنظيمياً لمُطلقي العيد عالمياً ومنظميه الأساسيين في لبنان، أي الفرنسيين (أطلقه وزير الثقافة الفرنسي جاك لانغ عام 1982). أما لناحية المضمون، فالعيد بات متوقّعاً أيضاً: فرق شبابية وفنانون محليون، مستثنى منهم نجوم الأغنية التجارية، و«تطعيم» أجنبي (فرنسي بشكل عام) بالحد الأدنى المتوفّر. حتى الأماكن التي تجري فيها الحفلات باتت ثابتة، موزّعة في الأسواق التجارية ومحيطها. لكن هذه السنة اختلفت الأمور كثيراً. فالتراجع الذي أصاب معظم القطاعات بسبب الأزمة الاقتصادية وبوادر الانهيار المحتمل، أثّر كثيراً على العيد هذه السنة! رغم ارتباطه بالـ«معهد الفرنسي» الذي لا يعتمد مالياً على موازنتنا بل على الدولة التي يمثّلها، انحسرت برمجة الدورة الحالية (تحمل الرقم 19) بشكل لافت، لناحية عدد الفرق وتوزيع مساهماتها الحية جغرافياً في بيروت. هذه الاحتفالية لم تكن أساساً استثنائية بالمعنى الفنّي، إذ لطالما خلت من الأسماء الكبيرة، والنجوم العالميين، ومستواها هو الحد الأدنى المقبول قبل اعتبارها مشروعاً فاشلاً. علماً أن هذه السنة، تمت دعوة فرقة ذات شعبية واسعة في فرنسا وخارجها، لكنّ السياسة التي اعتمدها المنظّمون هي «تشحيل» العدد الأكبر من الفرق المحلية الهاوية وشبه المحترفة، والاعتماد على حفلات قليلة، موزّعة على يومَين: اليوم وغداً بين بيروت وباقي الأقضية.في العاصمة، يتوزّع الاحتفال بعيد الموسيقى على ليلتين: هذا المساء، في «المعهد الفرنسي» (طريق الشام / المتحف)، وغداً في الحمامات الرومانية (وسط بيروت). في «المعهد» السهرة مع ثلاثة أسماء هي: فرقة Waynick (بوب مستقلّ) ونجمة البوب الفرنسي/ الشرقي نوال بن كريِّم (تحيي حفلة ثانية في طرابلس غداً وثالثة في زحله بعد غدٍ) والختام مع فرقة The Habibees. أما غداً، فتبدأ الاحتفالات في «الحمامات» مع الفنانة السورية لين أديب وفرقتها (جاز)، تليها Wondergaap (روك مستقل) وYeti Pop (بوب-روك)، ثم الفرقة الفرنسية الضيفة Deluxe التي تقدّم نمطاً هجيناً يجمع بين الإلكترو-بوب والجاز والهيب-هوب والفانك (تقدّم أمسية الليلة في زوق مكايل إلى جانب فرق أخرى). بعد الفرقة الفرنسية، تختتم سهرة الغد مع فرقة Gizzmo (موسيقى إلكترونية). بالإضافة إلى العاصمة، تقام احتفالات متفرقة في بعلبك وطرابلس وزحلة وصيدا وصور ودير القمر، يشارك «المعهد الفرنسي» في تنظيمها.