القاهرة | 12 ساعة تقريباً فصلت بين صدور عدد الخميس من جريدة «السياسة» الكويتية، وتكذيب عنوانها الرئيسي على لسان المتحدث العسكري للجيش المصري العقيد أحمد علي. وبين الحدثين، دخل المصريون في جدل طويل بسبب ما اعتبروه «خدعة» رئيس التحرير وصاحب الحوار أحمد الجار الله.
لو لم يكن الكلّ يترقّب إعلان وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي ترشحه في سباق الرئاسة خلال أيام، لما هرعت وسائل الإعلام المصرية إلى نقل تصريحات نسبها أحمد الجار الله إلى المشير السيسي، مستخدماً صورة التقطت لهما معاً قبل أشهر في القاهرة. عنوان جريدة «السياسة» كان واضحاً لا مراء فيه: المشير السيسي قال: «قضي الأمر، سألبّي طلب الشعب». باقي العناوين كانت إنشائية، وتفاصيل الحوار لم يهتم بها كثيرون، والحوار نفسه نُشر في الصفحة 39 من الجريدة، رغم أهمية الحدث. جميع برامج الـ«توك شو» المصرية والمواقع الإخبارية نقلت عن «السياسة» الكويتية تلك التصريحات مساء الأربعاء، وخصوصاً أنّ الترشح وارد جداً وفي أي لحظة قد يُعلن عنه. بعض المشكّكين في الحوار ركّزوا على أنّ الألفاظ التي صدرت عن المشير والتعبيرات الإنشائية المستخدمة ليست من قاموس السيسي. كما أنّ المقابلة لم تتضمن أي شيء عن برنامجه الانتخابي أو رؤيته للمنافسين. لكنّ انتشار الخبر بتلك الطريقة حجبَ أي لحظات تأمّل وتفكير أو انتظار التأكيد الرسمي. في ظل هذه المعطيات، تزايدت الانتقادات لاختيار السيسي جريدةً كويتيةً ليعلن عبرها الترشح، ولصحافي معروف بصداقته القديمة مع حسني مبارك. كل ما سبق اعتمد على استحالة «فبركة» تصريحات مع رجل بحجم المشير السيسي، وفي هذا الظرف تحديداً، رغم ما تداوله البعض عن سوابق الجار الله في هذا المجال.
لكن صباح أمس، تنفس الجميع الصعداء حين صدر بيان المتحدث باسم المجلس العسكري، مستخدماً مفردات دبلوماسية، فلم يكذب الصحافي الكويتي مباشرة وإنما وصف التصريحات المنشورة بأنّها «اجتهاد صحافي» وليست تصريحات مباشرة من المشير السيسي، وتم تحميلها بعبارات وألفاظ غير دقيقة. لكنّ اللافت أنّ البيان وجّه اللوم إلى الصحف المصرية التي نقلت الخبر، ولم يوجّه أي عتاب للجريدة الكويتية صاحبة التصريح. في المحصلة، عاد الوضع مجدداً إلى مرحلة «الانتظار» أي الصبر، ريثما يعلن السيسي ترشّحه رسمياً.
وسط ذلك، خرج الكاتب مكرم محمد أحمد بتصريحات لجريدة «الوطن» أكّد فيها أنّ السيسي تكلّم بالفعل مع الجار الله وأنّ تصريحات المتحدث العسكري تهدف فقط إلى امتصاص غضب الصحافة المصرية. هكذا يظلّ الجميع داخل الدائرة المفرغة نفسها حتى «يريح» السيسي الجميع ويعلن الترشح رسمياً للرئاسة.

يمكنكم متابعة محمد عبدالرحمن عبر تويتر | @MhmdAbdelRahman