القاهرة | في ظاهرة هي الأولى من نوعها، اضطر صنّاع «الملحد» (بطولة محمد هشام، محمد عبد العزيز، ياسمين جمال) إلى تأجيل عرض الفيلم لمدة عشرة أيام بسبب رفض أصحاب الصالات استقباله، تخوّفاً من هجمات المتشددين. هكذا، عرقلت الرقابة الذاتية لمدراء الصالات في المحروسة «الملحد» (كتابة وإخراج نادر سيف الدين)، فلم يُطرح في الصالات أول من أمس الأحد، كما كان متوقّعاً بسبب تخوّف أصحاب الصالات من مضمونه وعنوانه ولافتة «للكبار فقط». تبدو الظاهرة هي الأولى من نوعها في السينما المصرية. برغم إثارة العديد من الأفلام الجدل حولها وتصاعد التيار الإسلامي، إلا أنّ صدام المخرجين كان دوماً مع هيئة الرقابة على المصنفات الفنية. الأخيرة كانت تتدخّل بالحذف وإبداء الملاحظات، لكن الصدام هذه المرة جاء مع مسؤولي الصالات، الذين يخشون تعرّضهم لخسائر تفوق عائدات عرض الفيلم. وبرغم إجازة الشريط رقابياً (الأخبار 11/1/2014)، إلا أن تلك الخطوة لم تكن كافية بالنسبة إلى مدراء صالات السينما في وسط القاهرة، فقرّروا عدم عرض الشريط خوفاً من هجمات المتشدّدين وقنابلهم التي لم يعد يمرّ يوم من دون أن يُسمع صوتها. وبالتالي، اضطرت الشركة المنتجة New Tembo إلى تأجيل عرض الفيلم حتى 12 من الشهر الحالي مبدئياً لتتمكّن من تغيير هذه الفكرة لديهم.
برغم أنّ رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية أحمد عواض أجاز عدداً من الأفلام الجريئة، التي خُتم بعضها بلافتة «للكبار فقط»، مثل «الخروج من القاهرة» للمخرج هشام عيسوي، و«لا مؤاخذة» للمخرج عمرو سلامة، إلا أن تخوّفات مدراء الصالات ستجعل الرقابة تأخذ شكلاً مختلفاً في مصر.
«الملحد» الذي يعد أوّل شريط سينمائي مصري يتطرّق إلى قضية الإلحاد من خلال شخصيات الملحدين، واجه ظروفاً إنتاجية صعبة. فقد استغرق تصويره أكثر من عام على فترات متباعدة، لكنّ رفض أصحاب الصالات عرضه قد يمنحه المزيد من الضجيج الاعلامي. من جهته، يرفض مؤلف ومخرج الفيلم نادر سيف الدين لـ «الأخبار» الحكم المسبق على العمل من دون مشاهدته، مؤكّداً أن «وجهة النظر ستتغير بعد مشاهدته، لأن مشايخ من الأزهر أضافوا الجانب الديني إلى العمل، مما زاد الفيلم ثراء على المستوى الفني، وقدّم صورة صحيحة عن الإسلام». لعلّ هذه الجملة الأخيرة تلخّص العمل، الذي لا يع «فتحاً» في مقاربته قضية وجودية جدية هي الإلحاد، بل إنّه يسير وفق الرؤية المحافظة السائدة إلى الملحد، آخذاً على عاتقه مهمّة «تبشير» الملحدين. ومع ذلك، فقد لا يجد طريقه إلى الصالات!