تعود «الواوية» نضال الأشقر لـ «جرجرة» عربتها وأولادها إلى الحرب. تعود مع المتفجرات، والأحزمة الناسفة، والمجازر وضحايا لبنان والمنطقة العربية. تعود إلى التجارة في الحرب. هي تجارة الأسلحة والعنف والغضب والعقول والضمير. تبيع أبناءها للحرب. يُقتَلون. تخسر أمومتها. لا أبناء بعد اليوم. فليحيا الخراب والموت. لمَ لا؟ فـ «الواوية» هي أم الحرب ووليدتها معاً. هي جزء لا يتجزّأ منها وصورة مكمّلة عنها. تقتات الواوية من الحرب وتقتات الحرب منها. إنهما وجهان لعملة واحدة: الخراب.
يقول مخرج العرض ناجي صوراتي إنّ العمل المقتبس عن «الأم كوراج» لبرتولد بريشت، يحكي هواجسنا وواقعنا. ولهذا، سيستكمل عروضه في لبنان من 6 شباط (فبراير) حتى 15 آذار (مارس) على خشبة «مسرح المدينة» (الحمرا _ بيروت)، متحدّياً الظروف الأمنية والسياسية الراهنة.
«استكمالنا للعروض هو موقف مواجه لكل الظروف الرّاهنة.التشجيع الذي لمسناه من الجمهور أكّد ضرورة استمرار العرض». إلى جانب تيمة المسرحية التي تعكس واقعنا، يذكر صوراتي عناصر أخرى أسهمت في جذب الجماهير، أوّلها حضور نضال الأشقر كممثّلة بعد غياب 22 عاماً، حيث تسنّى للمشاهدين رؤيتها مجدداً، وخصوصاً الجيل الجديد الذي يراها للمرّة الأولى على الخشبة، كما أن لغة العرض السهلة جعلته غير شعبوي ولا نخبوي وفق تعبير صوراتي، بل فتح الباب لناس من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية للتفاعل معه.
الركيزة الأخرى التي يعدّها صوراتي من مقوّمات نجاح العرض، هي الموسيقى. «هناك من قدم لمشاهدة الأشقر، وهناك من أتى لسماع الموسيقى، أكان لناحية إنشاد خالد العبد الله، أم لموسيقى العرض الفريدة التي قلما نسمع مثلها في إطار عالم المسرح، وهي من تأليف عبد قبيسي وعلي الحوت، اللذين عزفا الموسيقى إلى جانب حضورهما المسرحي في العرض». يشيد صوراتي بعنصر الدمى الذي لا نراه كثيراً في مسرح الكبار في لبنان، متحدّثاً عن صعوبة استخدامها في المسرحية. فهي عبارة عن خمسة رؤوس من الدمى من دون مفاصل تحريك، يحرّكها ببراعة ممثل وحيد هو هادي دعيبس، الأمر الذي نال إعجاب المشاهدين أيضاً. ويلفت صوراتي إلى أن الدمى تمثل جزءاً مهماً من خياراته الفنية في الإخراج، إذ لطالما استخدم أغراضاً في عروضه تتحول الى دمى، كما رأى أن «خلطة» العناصر الإخراجية هذه هي سر نجاح العرض.
لكن ماذا عن إيقاف العرض شهراًً ثم استكمال العروض مجدّداً؟ يعزو ناجي صوراتي ذلك إلى أنّ المسرح كان محجوزاً لعروض أخرى في شهر كانون الثاني (يناير)، فاضطروا إلى برمجة العمل بطريقة لا تتصادم مع برنامج «مسرح المدينة». ويختم مشيراً إلى أنّه «برغم أنّ إيقاف العرض واستكماله يعدان مغامرة، إلا أن العمل كبير، وقد جذب المشاهدين. لذا نعتقد أن باستطاعتنا المغامرة بكل ثقة».
«الواوية»: من 6 شباط (فبراير) حتى 15 آذار (مارس) _ كل خميس وجمعة وسبت عند التاسعة مساء _ «مسرح المدينة» (الحمرا _ بيروت). للاستعلام: 01/753011
3 تعليق
التعليقات
-
وجهة نظر ومجرد رأيلماذا سقطت الكثير من القيم في عالمنا العربي..لأننا أصبحنا لا نملك الا القليل النادر من الاحجار الكريمة والنفيسة أمثال نضال الأشقر في هذا الفيض الجارف من العطاء الآخاذ علي المسرح..من المصداقية والتوحد مع العمل وليس فقط مع الدور وهذا هو الهام الفنان..وكثير من مخرجينا أصبحون ركيكين يكررون أنفسهم أو الآخرين..غير قادرين علي اضفاء الروح علي العمل..فكم واحد منهم استطاع أن يوجد سبيكة من الذهب الخالص غير المخلوط كالعبقري ناجي صوراتي في تقديمه لمسرحية الواوية..رؤية واقتباسا عن نص برتوليت برشت وقدرته المفزعة علي تفريغها وتطويعها لتواكب فرضيات وواقع عالمنا العربي دون أن يخل بروح العمل الاصلي..هذا علاوة علي اعداد وترجمة المبدع ايلي أضابشي ولا أروع من ذلك وكأنه يهب لفن الترجمة دروسا لا يترجم..من لم يشاهد هذه المسرحية فما شاهد مسرحا ولكن يوما منتميا ومخلصا لثقافتنا ومبدعينا العرب..تحية الي كل القائمين علي هذا الديناصور الفني علي هذا العمل الأكثر قيمة وسط كل مهاتراتنا ومهازلنا الفنية العربية والمعادة..ملخص مأساتنا العربية وصراعنا مع الآخر في هذه المسرحية..بل أنها تكاد تكون ملخص للحياه الانسانية برمتها.
-
استعانة بصديقفي كل مرة اقصد مسرحا يتملكني فضول بأن أقرأ تعليقات الصحف المعلقة داخل ردهة المسرح حول المسرحية قبل أن أشاهدها وغالبا ما أحصل على انطباع بأن رأي الصحافة ايجابي، غير تجريحي ، متملق الى حد ما . بماذا تعدنا هذه المسرحية كجائزة كبرى ؟ بالكلام عن : الحرب ،المتفجرات ،الأحزمة الناسفة ،المجازر، الضحايا ،الأسلحة ،العنف الغضب، القتل، الخراب ،الموت..؟ جائزة الترضية موسيقى ودمى؟ لا أريد تفويت عمل اشتركت فيه السيدة نضال الأشقر ولكن أشعر أني بحاجة الى من يرشوني كي أشاهدها فبوجود كل المفردات آنفة الذكر أخشى أن تتحول المسرحية إما الى فيلم رعب أو الى عظة ووعظ واتعاظ ويمكن حدا يجيب سيرة مازن من هون والا من هون فيحصل ما لا تحمد عقباه ، لذلك يا إخوان أنا بحاجة الى نصيحة كي أبني على الشيء مقتضاه .