ما الذي يصنع فيلماً جيّداً؟ هل تكفي أن تكون فكرة العمل جذابة ومغرية كي يحكم عليه مسبقاً بالنجاح؟ ما هو دور المخرج؟ وأين تقف حدود الكاتب؟ أسئلة تفرض نفسها في الشريط اللبناني «نسوان» الذي قدم مقاربة فكرية وتخيلية جميلة، لكنه سقط في ضعف إخراجي كاد يطيحه. ما ينقذ «نسوان» ويشد المشاهد إليه، هو العالم الافتراضي الذي صنعه السيناريست يوسف سليمان، ناسجاً عالماً وهمياً تحكمه المرأة، ومعالجاً موضوع التعصب الجندري بأسلوب إبداعي مبتكر.
صحيح أنّ فكرة استبدال الأدوار بين الرجل والمرأة، ليست جديدة، إلا أنّ أفلاماً قليلة دخلت في تفاصيل دقيقة ورسمت مجتمعاً بكامل توصيفاته حيث تقلب الأدوار بين الرجل والمرأة. لكن ما صنعه الكاتب، لم يلتقطه المخرج كما يجب. لم يحسن إدارة المشاهد وتقسيم الأفكار. جنح نحو الإطالة غير المبررة، متكلاً على الأحداث والمواقف الكوميدية لكسر الضجر. لم نره يعير اهتماماً للكاميرا وحركتها كأنّ حدودها نقل المشاهد لا أكثر. لكن لا يمكن توقع من سام اندراوس أداءً أفضل لأنه فيلمه الطويل الأول، ولا يبدو أن في جعبته محاولات جدية في الأفلام القصيرة أيضاً. لكن الحق يقال بأنّ المخرج نجح في تقديم نجم جديد إلى السينما، هو الياس الزايك (صابر) الذي بدا طبيعياً وعفوياً ومقنعاً. كذلك، حسّنت زينة مكي (فرح) أداءها منذ «حبة لولو»، ولو أنّه لم يكن لافتاً، فيما كانت نجمة العمل أنطوانيت عقيقي التي غطت على ندى بو فرحات التي كان دورها رمزياً. يتحدث الشريط عن صابر الذكوري المتعصب ضد النساء، فيقوده تعصبه إلى تهديد امرأة بالقتل، فيدخل السجن ثلاث سنوات ويخرج ليكتشف أن انقلاباً حصل وتغير العالم ليصبح محكوماً بالنساء. يتعرف إلى فرح (زينة مكي) التي تقف إلى جانبه. الكاتب لم يجعل العالم وردياً، فالمشكلة في التعصب لا في الذكور. اختار أن يكون حكم النساء دكتاتورياً وأكثر ظلماً من حكم الذكور. لعلّ النقطة التي تحسب للعمل أن مخرجه وكاتبه كانا منفتحين على النقد، استمعا إلى الصحافيين والجمهور الذين حضروا الافتتاح، فقررا مثلاً أن يعدلا في المونتاج ويحذفا بعض المشاهد المطولة ويدخلا بعض التحسينات على تقطيع المشاهد، وهو أمر قلما يحصل في لبنان، فكانت «الرقابة» للمرة الأولى من صنع النقاد، لا شركات التوزيع والأمن العام. ليس «نسوان» عملاً ممتازاً، لكنّه يقدم مقاربة فكرية جديدة. ورغم كل مشكلاته، فهو يستحق المشاهدة.

* «نسوان»: صالات «غراند سينما»