في الإصدار الأخير، يخصص الباحث في التراث الموسيقي العربي حيّزاً للحديث عن الأغنية السينمائية المصرية ضمن حقبة لا تتجاوز 28 عاماً، شكلت مرحلة ذهبية، رصّعتها أسماء لها ثقلها وحضورها على الساحة الفنية العربية. اختار سحاب هذه التيمة، لما لها من علاقة وثيقة بـ«حدوتة الفيلم» وبالتمثيل وبالتعبير أيضاً. الأغنية السينمائية شرّحها المؤرخ الى أربعة أنماط (المونولوج، المحاورة والأوبريت، والتأليف الأوركسترالي)، أضاء على كل نمط منها، منها المونولوج المستوحى من الأوبرا الإيطالية التي ظهرت أواخر القرن التاسع عشر. بحسب سحاب، لا يشبه هذا المونولوج أي نوع من أنواع الغناء الكلاسيكي، فهو مختلف مثلاً عن «الطقطوقة» و«الموشح»، لأن الأغنية داخله لا تتكرر، إضافة الى كونه مساحة تعبير عن مشاعر فرحة أو محزنة في الفيلم، الى جانب «المحاورة» المغناة في السينما الغنائية، وتطورها الى عام 1960، وكذلك «الأوبريت».
حصر مدة البحث بالحقبة التي تراوح بين 1932 و1960
يفرد المؤلّف الجزء الثاني لمجموعة جداول. نظّمها حسب ترتيبها الأبجدي. تستند الى دراسة أجراها الباحث المصري جلال الشرقاوي حول 420 فيلماً، قصد سحاب تنظيمها تبعاً لأبرز نجوم السينما الغنائية من محمد عبد الوهاب، مروراً بأم كلثوم، ومحمد فوزي، وعبد الحليم حافظ، صباح (صاحبة موسوعة ضخمة من الأفلام الغنائية)، نور الهدى، وصولاً الى فيروز، رغم عدد أفلامها القليلة (ثلاثة أفلام) وخروجها عن الأجواء المصرية الغنائية. أما الجزء الأخير، فقد ذهب الى توثيق بصري لأبرز وأهم الأفلام الغنائية وأفيشاتها، ولقطاتها. توقف المؤرخ عند عام 1960، لأن ـــ بحسب رأيه ـــ الأعمال التي أتت بعد هذه المرحلة، لم يطرأ عليها أي تطور في الأنماط الغنائية السينمائية المذكورة آنفاً، ما خلا بعض الأعمال التي رافقت كلاً من عبد الحليم حافظ وصباح، تزامناً مع تطور شهده القطاع الموسيقي في التلحين، والتعبير الدرامي والتصوير الموسيقي، وأيضاً في التوزيع الأوركسترالي.