القدس المحتلة | في خرق مباشر لقانون الإعلام المرئي والمسموع في لبنان الذي يحظر على المحطات المحلية «الترويج للعلاقة مع العدو الإسرائيلي»، عرضت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» تقريراً لمراسلتها في حيفا آمال شحادة صُوّر في قاعدة «رامات دافيد» العسكريّة الجويّة الإسرائيلية، وتضمن مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين. هكذا، حلّت كاميرا lbci «ضيفة» على سلاح الجو الإسرائيلي، وتحديداً على إحدى قواعده الرئيسية في «رامات دافيد» (شمال فلسطين المحتلة). وهي القاعدة التي تنطلق منها الطائرات المعادية لخرق الأجواء اللبنانية بصورة شبه يومية.
في التقرير (2:03 دقيقة) الذي عرض في النشرة المسائية الأربعاء الماضي، قررت آمال شحادة أن تبدأ كلامها بالتذكير بأنّ محاولة التوصل إلى حل للأزمة السورية في مؤتمر «جنيف 2» مستمرة، مانحة قائد القاعدة الإسرائيلية فرصة بعث رسالة تهديد وتحذير «من استمرار نقل الأسلحة الاستراتيجية من سوريا إلى حزب الله»، مشدداً على أنّ «الجيش سيعمل على منع نقلها». وأضاف: «حزب الله بدأ يحصل على أسلحة أكثر تقدماً من تلك التي تملكها دول مجاورة مستقلة، ويجب علينا الاستعداد لمثل هذا السيناريو». كلام الضابط في التقرير التلفزيوني جاء خلال تفقده لطائرته وصواريخها قبل أن يعتليها ببزته العسكرية، علماً بأنّ اسمه لم يُذكر بموجب تعليمات الرقابة العسكرية الاسرائيلية، كما أنّ وجهه لم يبدُ واضحاً. بعد ذلك، عادت استعراضات الطائرات العسكرية مجدداً إلى الشاشة، لتؤكد المراسلة أنّ «سلاح الجو الإسرائيلي الذي لم يوقف تدريباته العسكرية طيلة السنة، يركز اليوم على سيناريوات تضمن في الأساس عدم توجيه الصواريخ السورية والاستراتيجية نحو إسرائيل».
أما المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، فأفاد من لغته العربية الجيّدة ليشد على يد آمال شحادة، موضحاً في التقرير أنّ «حزب الله حوّل 200 قرية في جنوب لبنان إلى مخازن للأسلحة، ويستخدمها لتهديد الجبهة الداخلية الإسرائيلية»، قبل أن يقول: «لا يمكن الجيش أن يسمح للحزب بإيذاء إسرائيل بسهولة». وفي الختام، أنهت مراسلة المحطة اللبنانية تقريرها كما بدأته، بإمرار رسالة أخرى مفادها أنّ إسرائيل تريد «فرض وجودها على طاولة «جنيف 2»، لتؤكد أنها تريد دوراً في إطار التسوية السورية».
هكذا، فإن الرسالة التي يبعث بها الجيش الصهيوني من خلال lbci واضحة: «وصول هذا النوع من الأسلحة إلى «حزب الله» سيؤدي إلى اندلاع الحرب المقبلة» وفق ما أكدت «يديعوت أحرونوت». من جهتها، ذكرت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أنّ دعوة القناة اللبنانية إلى قاعدة «رامات دافيد» الجوية تندرج ضمن «أسلوب جديد مبتكر في الحرب النفسية ضد الحزب، خصوصاً أنّ القناة محسوبة على معسكر «14 آذار» المعارض لـ«حزب الله» والأسد».
أمام هذه السابقة، كان لا بد من الوقوف عند رأي المسؤولين اللبنانيين المعنيين بالقضية. «هذا تعامل مع العدو. إنّه أمر مرفوض تماماً»، قال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال وليد الداعوق لـ«الأخبار»، مؤكداً أنّه سينتظر اجتماع «المجلس الوطني للإعلام» ليتحرّك بناءً على توصيته.
رئيس المجلس عبد الهادي محفوظ شدد على أنّ التقرير عبارة عن «مخالفة لكل القوانين اللبنانية المرعية الإجراء المتعلقة بالعدو الإسرائيلي، فضلاً عن قوانين وأنظمة وأحكام مقاطعة إسرائيل المرتبطة بمكتب مقاطعة إسرائيل». ووصف التقرير بأنّه «تطبيع واعتداء على سيادة البلاد»، مستغرباً أن تقدم «محطة في مكانة lbci على هذه الخطوة». وفيما أعلن أنّ المجلس سيجتمع «قريباً جداً» (بداية الأسبوع المقبل) للبحث في ما حصل، لفت إلى أنّه سيعيد النظر في التوصية التي يُفترض أن تُرفع إلى مجلس الوزراء لإعادة الترخيص للمؤسسات المرئية والمسموعة.
رسائل كثيرة مرّرتها إسرائيل من خلال «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، لكنّنا لم نفهم لماذا ارتضت lbci الدخول في أجندة الحرب الإعلامية الإسرائيلية. سؤال سيظل معلّقاً في انتظار بيان يصدر عن القناة، بما أنّ رئيس مجلس إدارة lbci بيار الضاهر تهرّب من الإجابة على أسئلتنا بلباقته المعهودة.


يمكنكم متابعة نادين كنعان عبر تويتر | @KanaanNadine






آمال متعوّدة

ليست المرّة الأولى التي تبرز فيها مراسلة lbci في حيفا آمال شحادة وجهة النظر الإسرائيلية، إذ سبق أن استعانت في تقاريرها بصور من مصادر عسكرية عبرية، كما أنّها لطالما حرصت على تأكيد جاهزية الكيان الغاصب لـ«مواجهة العدو» على الحدود الشمالية (أي «حزب الله»). تقرير الأربعاء الماضي سبقته تقارير أخرى، كان آخرها عن العبوة التي انفجرت في محاذاة الحدود المحتلة مع سوريا، الذي بُثّ في 8 كانون الأول (ديسمبر) 2013. حينها، وصفت المراسلة جيش الاحتلال بـ«جيش الدفاع». مصطلح يكاد يكون استخدامه حكراً على الإعلام الإسرائيلي. كذلك فإنّ «المؤسسة اللبنانية للإرسال» ألغت من قاموس مصطلحاتها كلمة «فلسطين المحتلة» واستبدلتها بـ«إسرائيل».