تقديم وحوار: رشيد وحتي«يبدأ الحب لأننا نبحث عن قصيدة.. وينتهي لأننا نعثر على قصة». في جملة مركزة (ككل الكتابات الحديثة)، يعتريها تَقَطُّعٌ مقصود (ككل الكتابات الحديثة، مرة أخرى)، يجعل طارق إمام من الحياة والنص مساراً واحداً، يخلط الأنواع الأدبية، حدَّ تشويشِ معاييرها. فإنْ كان لكل أديب عبارة تلخص كتاباته، لربما كانت هذه بالذاتِ موجزَ الحياة الثانية لطارق إمام، موجز حياة قصاص وروائي يقرأ الشعر، يجعل من الشعر والشعراء مادة روائية له، كما في «الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس» التي تُعْتَبَرُ من صميم تقليد الحيوات المُتَخَيَّلَة، باشتغالها على الشاعر الإسكندري الذائع الصيت؛ بل يحدث أيضاً أن تجد لديه مقاطع ونصوصاً تتخذ شكلاً سردياً يتوسل القص الشعري ويربط الصلة بالحكاية، كنوع تراثي كاد ينقرض أو ينحسر بتوجيهه للأطفال (توجبت الإشارة هنا إلى أن طارق إمام يكتب أيضاً ضمن أدب الطفل). وطارق إمام يضع هنا الإصبع على أزمة اعْتَرَتْ أدب القرن العشرين، أشار لها الفيلسوف الألماني ڤالتر بنيامين في نصه التأسيسي: «الحكواتي» الذي ركز في مجمله على عَطَبَيْنِ أصابا الحياة اليومية والسرد الأوربيين غداة الحرب العالمية الأولى: الأول، انغلاق الفرد على ذاته تواصلياً، وسط الخراب، بحيث لم يعد يحكي عن حياته اليومية حتى في الوسط الأُسَرْي. أما الثاني، فهو موت الحكواتي لصالح الروائي كنتيجة أدبية لذلك. (للتدقيق، الحكواتي ــ لدى بنيامين ــــ ليس فقط بمعناه المشرقي كراوٍ شفوي يتحلق حوله الجمهور، ولكن أيضاً كمؤلِّف حكايات مكتوبة يمتزج فيها الخيال بالحياة اليومية). تَصَادِياً مع هذه الإشكاليات الكبرى، التي ما زال يَجْتَرُّهَا عالمنا العربي الممزق بالحروب الأهلية والكولونيالية، كان لنا هذا الحوار مع طارق إمام انطلاقاً من قصّته «عين» التي ننشرها اليوم للمرة الأولى