في دورته الثالثة عشرة التي تنطلق الليلة في «سينما سيتي» في «أسواق بيروت»، يضخّ «مهرجان الفيلم اللبناني» دماء جديدة في الفن السابع، محتفياً بأسماء مهمّة تركت بصمتها محلياً وعربياً. أعمال، بعضها يستعيد نضالات قديمة جديدة، وبعضها الآخر يرصد يوميّات الناس، وهمومهم وأحلامهم وعلاقاتهم، فيما تستمر أخرى برصد حياة اللاجئين ومواجهتهم مصيرهم الجديد. وتبقى الحرب الأهلية ثيمة أساسية لأفلام الجيل السينمائي الجديد.65 مادّة بصرية متنوعة، بين وثائقي، وروائي متوسط وقصير وتجريبي. إنتاجات تعرض للمرة الأولى في لبنان، أغلب صنّاعها شباب، تكشف بعضها طاقات جديدة تعيش وتعمل في الاغتراب. افتتاح المهرجان مع «كفرناحوم» لنادين لبكي، الحائز جائزة لجنة التحكيم في «مهرجان كان» (راجع مقال الزميل عثمان تزغارت) والاختتام مع وثائقي «ساعة التحرير دقت» لهيني سرور، أول صانعة أفلام عربية تعرض عملاً في «كان» في منتصف السبعينات. المخرج الراحل يوسف شاهين سيحضر في فيلمه «اليوم السادس» (19/9 ـ س: 20:00) إلى جانب داليدا، ومحمد منير وشويكار. منير أبو دبس حاضر أيضاً في وثائقي لريتا باسيل (20/9) يستعيد نمطه المسرحي.
عديدة هي المواضيع التي يحملها البرنامج هذا العام: العلاقة بالمكان، الذاكرة، الوطن، الغربة، الحرب، العلاقات الإنسانية والعائلية… قصص نستعرض بعضها، ليست جميعها جديدة على السينما، لكنها مُعالجة بنفس جديد ومن زاوية إنسانية مختلفة.
مثلاً، هناك الحرب اللبنانية التي لا تزال مادة بحث وتشريح لدى السينمائيين الشباب، ومنهم من لم يعشها، لكنه بالطبع يعيش تداعياتها المستمرة. هذا ما ينطبق على طوني جعيتاني الذي يعود إلى حرب الجبل في فيلم «اختفاء غويا» (56 دقيقة ـ 19/9). وفي «قفص ذهبي» (21 د ـ 20/9) لباتريك الياس، يحاول عروسان إنقاذ احتفال زفافهما بعد تعرّض الكنيسة للقصف عام 1985. ويطرح كلّ من مايك مجدلاني في Reprisal (9 د ــ 20/9) وميرا شعيب في Lilacs (24 د ــ 20/9) قضية مفقودي أو مخطوفي الحرب.
ثيمة الذاكرة والعلاقة مع الوقت والمكان حاضرة في المهرجان في أعمال أغلبها تنطلق من تجارب شخصية. في Alep Terminal للمخرجة السورية زلفا سورات (31 د ـــ 18/9)، تصطحب والدتها في رحلة عبر الذكريات إلى حلب، وتختبر معها مشاعرها الخاصّة. وتعبّر رين متري في «الجنة الضائعة» (62 د ـ 19/9) عن هاجس خسارة الذاكرة وكيفية تعويضها من خلال التوثيق والسينما. المخرج فادي باقي يستعرض في «آخر أيام رجل الغد» (30 د ـ 18/9) مذكرات «مانيفال» رجل آلي أتى إلى لبنان عام 1943. ويستعرض علي زريق مذكرات عائلته في «صورة باسبور» (7 د ــ 19/9).
لفلسطين حصّة في المهرجان عبر أفلام يجمعها أنها تعبّر عن صفة العناد التي تلازم هذا الشعب رغم مأساته. إذ يصوّر الشاب الفلسطيني راكان مياسي في «بونبونة» (15 د ـ 20/9) مغامرة إنجاب امرأة فلسطينية طفلاً من زوجها المعتقل، بينما تصوّر دانيا شرباتي من الأردن في «عبور» (15 د ـ 20/9) مغامرة العمّة اعتدال التي تقرّر العودة لتموت في فلسطين بعدما علمت بمرضها. وفي فيلم «جدك ولد قبل مئة عام وكانت النكبة» (7 د ـ 19/9)، تقدم رزان صلاح قصة جدّة فلسطينية تعود إلى شوارع حيفا من خلال google street view. ويناقش المخرج مهدي فليفل في «وقّعت العريضة» (11 د ـ 19/9) مبدأ المقاطعة الثقافية لإسرائيل. «الليل بيني وبين علي» (9 د ـ 19/9) مادة بصرية بلغة مميّزة من إخراج ناديا وليلى حطيط، تستعيد عملية السطو على «بنك أوف أميركا» عام 1973 التي كان بطلها علي شعيب احتجاجاً على دعم أميركا لإسرائيل في حربها على العرب.
من الأفلام التي تحاكي العلاقات في كنف العائلة، ترصد كاميرا إيلي بركات في الوثائقي القصير «إم ايلي» (18 د ـ 20/9 ـ س: 20:15) محاولة ترميم علاقة أم بابنها، وعلاقة أم مدرّسة بابنتها وتلميذتها في آن نراها في فيلم «غشاء» لإنعام عطّار (17 د ـ 18/9). أما «ابن القمرجي» (14 د ـ 20/9) للممثّل والمخرج كارلوس شاهين، فيصوّر علي الطفل الذي يعبر شوارع مدينة طرابلس مع والده لاعب القمار. الحرب واللجوء حاضران في «تماس» (21 د ـ 18/9) لسمير سرياني، عن قنّاص حدود، يستمع إلى يوميات الحرب في تسجيلات إحدى ضحاياه.
ويتأّمل فيلم «المتوسط» (7 د ــ 18/9) لطلال خوري في موضوع الغرق هرباً من الحروب. في المتوسط أيضاً، تتطوع ممّرضة للمساهمة في عمليات الإنقاذ في فيلم شيرين أبو شقرا What happens to the displaced ant (42 د ـــ 18/9). وفي «حادث» (22 د ــ 18/9) للمخرج ميدو طه، تمرّ امرأة لبنانية محجبة وعامل سوري مهاجر في لحظة صاخبة ويتّم القبض عليهما في محطة للباصات بالقرب في بيروت، فيما ينقل «أصداء» (28 د ـ 20/9) لنيكولاس خوري واقع وحياة اللاجئين السوريين في المخيمات في لبنان. وفيما الحرب السورية مستمّرة، تحاول فتاة في فرنسا الاتصال بعائلتها في سوريا عبر سكايب في «ويبقى الصمت» (30د ـ 18/9) لكاتيا جرجورة.
ناديا وليلى حطيط تستعيدان عملية السطو على «بنك أوف أميركا»


وهناك الحكايات المتنوعة الأخرى التي تربط بشكل أو بآخر بالواقع والظروف كفيلم «تطهير شايربيك» (cleaning shaerbeek ـــ20 د ـ 20/9) لفرح قاسم. بعد قرار وزير الداخلية تطهير منطقة معروفة بإيوائها إسلاميين في بروكسيل في بلجيكا إثر اعتداءات باريس في 2015، تلاحظ امرأة حركة غريبة مقابل منزلها، فتقرر إبلاغ السلطات. وفي لبنان، ينتشر الخبر عن اكتشاف كوكب يسمح باستقبال فرد واحد من كل عائلة لبنانية، ما يثير نقاشاً بين الإخوة حول الموضوع في «جيمني 5» (20 د ـ 19/9) لماريتا صبيح. وفي «نهر الكلب» (15 د ـ 18/9) لليانا قصير ورينو باشو، تنتظر امرأتان منهكتان هبوط الليل. أما في فرنسا، فتحاول امرأة لبنانية إقناع مخرج فرنسي إعطاءها دور رائدة فضاء في «In Orbit» (16 د ـــ 19/9) لرومي كبيّة. وفي وثائقي «مصائب قوم» (14 د ـ18/9) للمخرج جهاد مرحبا، ننتقل إلى مدينة طرابلس، حيث نتعرّف إلى المعلم طارق الذي جعل من مصائب الناس رزقاً له. وفي «ياباندجو» (28 د ـ 18/9) لبانوس ابراهاميان، نتعرّف إلى يوميات وهواجس الأرمن في منطقة عنجر البقاعية القريبة من حدود سوريا حيث الحرب. ومن تونس، تستمع ألفة لملوم (تونس) وميشال تابت (لبنان) إلى صوت الأهالي بعد ست سنوات على سقوط حكم بن علي في فيلم «أصوات من القصرين» (53 د ـ 20/9). وفي أميركا تجتمع امرأة ملاكمة وعازف جاز في محيط مليء بالعداء والكراهية في «كالملح» لدارين حطيط (25 د ـ 20/9)، إلى جانب أفلام أخرى من توقيع مخرجين وفنانين ينحون إلى التجريب كغيث الأمين (Unspeakable Algorithms ــــــ 8 د ــــ 19/9). كما يعرض المهرجان أفلاماً قصيرة من «زيارة» (90 د ـ 19/9) لموريال أبو الروس، السلسلة التي عرّفتنا على تجارب شخصيّة وإنسانية لوجوه مختلفة من المجتمع، وأيضاً بأسلوب ولغة جديدين في تصوير البورتريه. لجنة التحكيم هذا العام تضم كلاً من هادي زكاك، وسينتيا زافين، ودارين حطيط وناديا تورانساف.
وعلى هامش المهرجان وبالشراكة مع FFFMED (أفلام النساء الفرنكفونيات في المتوسط)، تقام ورش عمل في كتابة وتطوير الأفلام في دير القمر في «المركز الثقافي الفرنسي» بإشراف وإدارة مزهر.

* «مهرجان الفيلم اللبناني 13»: بدءاً من الليلة حتى 21 أيلول (سبتمبر) ــــ «سينما سيتي» (أسواق بيروت) ــ للاستعلام: 70/110601

* للاطلاع على البرنامج كاملاً وتواقيت العرض بشكل مفصّل: www.lebanesefilmfestival.org