مسلسل لبناني جديد أبصر النور قبل أيّام على قناة mbc4. في «بيروت سيتي» (كتابة ناديا طبارة وميرنا منيّر، وإخراج سيرج أوريان)، يجتمع أربع صبايا ينتمين إلى بيئات مختلفة وتربطهن علاقة صداقة، هنّ: «يارا» (دانييلا رحمة)، و«نادين» (ساشا دحدوح)، و«كارلا» (سينتيا صموئيل)، و«روز» (ليا بو شعيا). لكلّ منهنّ شخصية مختلفة، وحكاية «يمتزج فيها الفرح بالحزن، الابتسامة بالدموع، الحب والرومانسية بالكره والغدر والانتهازية»، على حدّ تعبير الشبكة السعودية. ويشارك في المسلسل أيضاً، كل من: مارك حاتم الذي نجح في تجسيد دور «جيمي» وعرفناه في السياق مغنياً، ووليد العلايلي، ووفاء طربية، وأسامة العلي، وجاد سعد، وإيلي لطوف، ورانيا مروة، وعدي رعد، ونيكول معتوق، وغيرهم. «يارا» انتقلت حديثاً إلى لبنان، بعدما كانت تعيش مع عمّها «سامي» في الولايات المتحدة. مهندسة ميكانيكية، تحترف الملاكمة وتهوى ركوب الدراجة النارية. بعد وفاة والدَيْها حين كانت صغيرة، اعتادت العيش وحيدة ومستقلّة. حياتها قاسية، ومليئة بالخلافات العائلية الحادّة، كما أنّها اكتشفت للتوّ أنّها عاشت طوال الفترة الماضية كذبة كبيرة، وأنّ لها عائلة في لبنان.
أما «نادين»، فامرأة قوية ومستقلة جداً، رائدة في مجال صناعة الأزياء. أمّ عزباء، لها ابنة تُدعى «دينا»، وتربطها بطليقها «رامي» (يبدو أنّها لا تزال تحبّه) علاقة جيّدة وعصرية، قائمة على التفاهم والنضج. وفي الوقت الذي تناضل فيه دائماً لأجل الأمومة وعلاقتها بـ «رامي» وصراعها بين الحب والعمل، تحاول «نادين» الحفاظ على شركتها، إثر اكتشافها سرقة كبيرة.
يتألّف «الغروب» كذلك من «روز»، الموظّفة الهادئة والمحافظة التي تفضّل العيش ضمن أطر العادات والتقاليد. قست على نفسها، ووضعت حدّاً لحبّها الكبير لـ «أحمد» الذي تعرفه منذ 25 عاماً. فهو أوّلاً من ديانة مختلفة، وثانياً يتحضّر للزواج من أخرى. حين تقرّر المشاركة في ماراثون لتُشغل نفسها، يبدو أنّها ستلتقي برجل أحلامها.
أكثر الصديقات حيوية هي «كارلا»، المتحرّرة والمتمرّدة، ابنة العائلة الثرية التي فضّلت العيش وحدها على الرغم من أنّها أبعد ما تكون عن الاستقلالية وتحمّل المسؤولية. لكن من الواضح أنّ شرارة الحب وُلدت بالفعل بينها وبين مديرها «جيمي»، تزامناً مع ظهور مؤشّرات على أنّ شخصيّتها وسلوكها سيتغيّران إثر اكتشافها خيانة والدها لوالدتها.
صحيح أنّ العمل وُصف بأنّه كوميديا رومانسية، إلا أنّ لا قصّة متفرّدة هنا. الحكايات بسيطة، مستقاة من واقع شريحة من اللبنانيين، ومكرورة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشخصيات التي شاهدناها مراراً في الدراما المحلية. أما الحبكة، فبسيطة تعوم على السطح، من دون الغوص في تعقيدات جوانب من مجتمعنا. مع العالم بأنّه هناك محاولة واضحة للابتعاد قدر الإمكان عن الكليشيهات، واعتماد حوارات مبنية على لغة تستخدم في يومياتنا. بالنسبة إلى الكوميديا، لا يخلو «بيروت سيتي» من المواقف المضحكة والـ «قفشات»، لتأتي النتيجة مسليّة بالنسبة إلى المشاهد.
البطلات لسن متمرّسات في التمثيل، حتى أنّ غالبيتهنّ يخضن تجربتهن الأولى في هذا المجال، كدانييلا رحمة مثلاً. فالشابة اللبنانية ــ الأسترالية الآتية من عالم الجمال والأزياء، أدّت أوّل دور لها أمام كاميرا أوريان الذي قدّم لنا صورة جذّابة جداً وكادرات داخلية وخارجية جميلة، مستعيناً بتقنيات عالية.
حوارات واقعية، ومحاولة للابتعاد عن الكليشيهات


لو شاهدنا دانييلا في «بيروت سيتي» قبل «تانغو» (سيناريو وحوار إياد أبو الشامات عن مسلسل أرجنتيني بالاسم نفسه، إخراج رامي حنا) الذي صوِّر بعده وعُرض في رمضان الماضي، لما كان رأينا فيها ليكون إيجابياً كثيراً. فمع انطلاق السباق الدرامي في شهر الصوم الماضي، قُلنا إنّ الصبية البالغة 27 عاماً «مشروع ممثلة» ستفرض نفسها على الساحة في المستقبل القريب.
غير أنّ دانييلا تحت إدارة سيرج أوريان ليست نفسها مع رامي حنّا. في مقابل القدرات التمثيلية اللافتة التي استخرجها الأخير من رحمة، من الواضح أنّ أوريان لم يبذل مجهوداً كافياً، مكتفياً بموهبة رحمة الفطرية، الأمر الذي تُرجم في أدائها الباهت إلى حدّ كبير حتى كتابة هذه السطور. وبينما ظهرت «فرح» في «تانغو» بلوك صبية تشبه كثيرات ولا تأبه كثيراً لشكلها الخارجي، ظلم سيرج أوريان دانييلا هنا بتركيزه على مفاتنها، خصوصاً لجهة ارتدائها ملابس مثيرة في أماكن غير مبرّرة (بلوزة قصيرة تظهر البطن أثناء تصليح سيّارة)! لكن يبقى الرهان على مثابرة رحمة، وعلى أنّ خياراتها المهنية ستكون مدروسة أكثر بعد النجاح الذي حققته في رمضان، كما صرّحت مراراً. من دون أن ننكر المجهود الجسدي الذي لا بدّ من أنّها تكبّدته للعب «يارا» (ركوب الدراجة النارية، ومشاهدة الملاكمة…).
وكما دانييلا، لم تقدّم مقدّمة البرامج ساشا دحدوح، وليا أبو شعيا، إلا أداءً آمناً، مع تسجيل نقطة إضافية لصالح الوصيفة الأولى لملكة جمال لبنان لعام 2015 فاليري أبو شقرا، سينتيا صموئيل. إذ إنّ الأخيرة تلعب شخصية «كارلا» بسلاسة وخفّة ظلّ.
الصورة الجذّابة، والبطولة النسائية، والقصص الـ «لايت»، كلّها عوامل تدفع المشاهدين إلى متابعة «بيروت سيتي» المؤلف من 15 حلقة، لا سيّما أولئك الراغبين في أعمال درامية بسيطة وخالية من التعقيد.

* «بيروت سيتي»: من الأحد إلى الخميس ــ الساعة التاسعة مساءً بتوقيت بيروت على mbc4