الدخول إلى مبنى «ستات إيبسوس» (الدكوانة ــ جبل لبنان) والتجوّل بين أروقته أشبه بمهمة مستحيلة. والأكثر صعوبة هو مقابلة مديرها العام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (Ipsos Mena) ورئيسها التنفيذي إدوار مونان. ثمانية أشهر من الانتظار مرّت قبل أن تأتي «البشارة» أخيراً. لقد جرت الموافقة على اللقاء.
الشركة التي احتفلت بيوبيلها الفضي في 2013 شرّعت أبوابها أمامنا، فهل المتغيّرات التي طرأت على الساحة الإحصائية أخيراً هي السبب، أم أنّ هناك خلفيات أخرى؟!
أطفأت Stat Ipsos الأم شمعتها الـ 25، لكنّها لم تخمد الجدل الدائر منذ سنوات حول ما تصدره من نتائج، وتحديداً في ما يخص القنوات المحلية. الدعاوى القضائية ما زالت قائمة إلى اليوم بينها وبين بعض المحطات، التي عدّت نفسها متضررة من إحصاءاتها (راجع الكادر). كثيرة هي المواقف التي سجّلها الإعلام طيلة السنوات الماضية، وصلت إلى حد اتهام الشركة الفرنسية بتزوير النتائج لمصلحة «لوبي» ولد نتيجة اتفاق بين بعض القنوات وشركات الإعلان بغية تبادل المصالح، مما أوقع الغبن على البقية التي منيت بخسائر فادحة طاولت سمعتها ورصيدها الإعلاني بحسب المنتقدين.
وسط هذه الزوابع، يبدو مونان في حديثه مع «الأخبار» في مكان آخر. يرفض ما جرى تداوله ويدافع عن شركته من خلال تفصيل كيفية إجراء الدراسات، فيتحدث عن البدايات، وعن أنظمة «إيبسوس» غير القابلة للخرق، كما يرد على الانتقادات، و«يفتح» ذراعيه للمنافسة الجديدة مع GFK (الأخبار 22/11/2013).
قد يستغرب المرء أنّه خلال الحرب الأهلية (1988) كان السوق الإحصائي نشطاً. حينها، كان مونان يساعد الشركات على تجميع المعلومات والبيانات، وتحديداً تلك المتعلقة بالسلع الاستهلاكية، إلى أن انضم إلى «إيبسوس» العالمية (1995) كما أراد منذ البداية لتطوير عمله وتوسيع السوق ليمتد إلى البلدان العربية. نشاط الشركة الفرنسية يمتد إلى85 بلداً حول العالم، منها 15 مكتباً ضمن العالم العربي. أما الخدمات، فهي كثيرة وتشمل الميديا، الفرع الأكثر حيوية وإثارة للجدل.
في هذا السياق، يؤكد مونان أنّ «إيبسوس» كانت «من أوائل الشركات التي طوّرت هذا القطاع عربياً، عبر ضخ أحدث التقنيات فيه، بينها الـTelemeter (جهاز قياس نسبة المشاهدة). علماً أنّ هناك «1100 جهاز موزعة على 600 منزل تشمل الأراضي اللبنانية كافة» يقول مونان.
في الطوابق السبعة في مبنى «إسبوس»، تتوزع أقسام العمليات التي تضم موظفين ثابتين ومتعاونين، تتنوع أعمالهم بين الأبحاث الإعلامية، والتحليل، والترويج، والمعلوماتية. ولرصد وسائل الإعلام حصته أيضاً، إذ تُراقب الصحف والإذاعات (20 إذاعة)، والقنوات المحلية والفضائية على مدار الساعة، كما تُرصد السوق الإعلانية في هذه القطاعات من خلال تعاون 35 موظفاً.
عن تفاصيل هذه الدراسات الإعلامية، يشرح المدير العام لـAGB (توأمة «إيبسوس» مع «نيلسون» الأميركية لمراقبة القنوات) كريستيان صعب أنّ الدراسات نوعان: عامة، وأخرى وفقاً لطلب الزبائن. ويضيف إنّها قد تكون استمارات وجهاً لوجه مع المستطلعين (قد تصل إلى 6 الآف استمارة)، أو استطلاعاً عشوائياً عبر الهاتف (عينة ممثلة متطابقة مع التوزيع السكاني). وأحياناً، يُجرى الاستطلاع عبر البريد الإلكتروني «الذي يؤمن نسبة ضئيلة من التفاعلية» وفق صعب.
هنا تبرز إشكاليات تتعلق بعالم الدراسات والاستطلاعات، أهمها طريقة إعداد الاستمارة والمعايير التي تحكم اختيار العينة وتوزيعها، فضلاً عن التحليل، والمراقبة، وإمكانية التزوير. يوضح إدوار مونان أنّه قبل ولادة الاستمارة، يجري اختبارها على «حلقة مختارة من المستطلعين لمعرفة مدى وضوح الأسئلة، قبل تعميمها على شرائح أوسع».
الحديث عن جوهر الجدل القائم في مجال الدراسات الإعلامية يصب في الكلام عن العينة ومَن تمثل وكيفية اختيارها، في ظل اتهام «إيبسوس» باعتمادها سجّل القيد للمستطلع (أي محل ولادته) بدلاً من مكان إقامته. كلام ينفيه مونان نفياً قاطعاً، فدراسات الشركة «تعتمد على «دائرة الإحصاء المركزي» كمصدر رسمي في ما يتعلق بالتوزيع السكاني»، مؤكداً أنّه على العينة تمثيل «كل الشرائح (العمر، الجنس، المركز الاجتماعي)، لتعكس الشعب اللبناني ككلّ. يبرز جدل من نوع آخر حول تغطية مناطق معينة ذات تمثيل واسع كضاحية بيروت الجنوبية مثلاً. «الشركة تغطي هذه المنطقة عبر عينة ممثلة لها، باستثناء ما سماه (المربع الأمني)». مضمون هذه الاستمارات يخضع بدوره لمراقبة من قبل اللجنة التي تمثّل القطاع الإعلامي والإعلاني في لبنان، إضافة إلى «وحدة المراقبة» المنشأة بين «نيلسون» و«ستات إيبسوس» في 1999 لمراقبة الإعلام.

يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab