عبّر النص عن جوهر الحياة بصورة عامة، وأضاء على المعاناة اليومية، بلوحات عكست هزيمة الإنسان في نضاله إزاء الواقع الأليم والروتين اليومي مع العالم المسحوق في خضم إحباط الحياة ذاتها. هذه الحياة التي تعتبر انتظاراً دائماً ضمن الموت المستمر، نعيشها يومياً ونتقبلها ونمارسها بكل حالاتنا.
اعتمد المسرح الفقير في عرضه الجديد «انتظار»
في ضوء هذه النظرة، الصفة المسرحية للشخصيات الدرامية عند مشهور، والمكان، والعقدة، استطاع مشهور أن يظهر لنا روحيتها الواحدة المندغمة ببعضها البعض، كأنها علاقة حميمية بين ثلاثة فنون مسرحية منفصلة وإفرادية مع كل ممثل تتوازى دون انفصال ضمن المشهدية التجريبية من وجهة نظر الفعل الدرامي المناط به. وهنا لا بد من انصاف كل الممثلين الذين حولوا لغة مشهور الى مدلولات صوتية وحركية وإيمائية بصرية من خلال طاقاتهم الإبداعية، مجسدين لحظات الفرح والعذاب بتقنية عالية. لكن لا بد من الاعتراف بأن الممثلة ماريا الجردي استطاعت أن تترك بصمتها لدى المشاهد بأدائها المتقن العفوي ضمن فريق عمل رائع استطاع أن يبرز صور هذا العرض المسرحي بتقنية استدعت الكثير من التساؤلات والاستنتاجات المختلفة، فأثارت خيال المشاهد ضمن عرض اتسمت السينوغرافيا فيه ببعض موجودات خشبة المسرح ضمن حركة مسرحية دائمة بمن فيها الممثلون الذين كنا نراهم يتقافزون ويتحركون بخطوات مدروسة وفقاً للرؤية الإخراجية. نستنتج أن العرض كان جواباً للفنان الإنسان ذاته الذي عانى وعاش هذا الصراع اليومي، ما جعله يكرر انتظاره بغضب لامتناهٍ ضد الزمن الجلاد. ولا بد من القول بأن المسرح اللبناني اكتسب مخرجاً موهوباً متميزاً، مخرجاً يملك حسّاً إبداعياً مرهفاً ونظرة عميقة للحياة بظواهرها وتفاصيلها. مشهور نجح من جديد في تقديم مادته الإبداعية حتى أصبح اليوم جزءاً من ثقافة المسرح الهادف.