نعرفها بالست بدور في "الدنيا هيك" وأماليا في "المعلمة والأستاذ". ممثلة كوميدية بامتياز، زرعت الضحكة على شفاه متابعيها. خفيفة الظل بطبعها، لا تصطنع المواقف الطريفة بل هي جزء من شخصيتها في الحياة اليومية، لكن البسمة هذه الأيام تحولت إلى دمعة في عينيها وعيون محبيها. أماليا أبي صالح ترقد منذ أيام في مستشفى "بهمن" في ضاحية بيروت الجنوبية بين الحياة والموت بعد إصابتها بالتهاب في الرئتين، "تعيش في غيبوبة وتحيا على الآلات الطبية التي إذا ما نزعت عنها، فارقتنا"، هكذا تعلق صديقة تطمئن على وضعها. قبل ستة أشهر، دوت الصرخة على شاشة "المؤسسة اللبنانية للإرسال"، مطالبة وزير الصحة في الحكومة المستقيلة علي حسن خليل بالتحرك للتكفل بعلاج الممثلة التي لا تعرف في حياتها شيئاً غير الفن. تداول الإعلام قصتها، لكن ما هي إلاّ أيام حتى نسي الجميع أن وضعها الصحي ما زال يتدهور، وخطر على صحتها عدم متابعتها لحظة بلحظة.
قبل ثلاثة أيام، دخلت بطلة "الكابتن بوب" إلى المستشفى في حال سيئة للغاية ما اقتضى إدخالها إلى العناية الفائقة فوراً. وعندما تحسن وضعها قليلاً، نقلت إلى غرفة عادية قبل أن يتدهور وضعها مجدداً. ولم تبلغ العائلة نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون بالأمر. وأكد النقيب جان قسيس بأنه لم يكن يعلم بالأزمة الصحية التي أصابت أبي صالح لولا اتصال "الأخبار"، مشيراً إلى أنه سيعمل على الاطمئنان عنها، ومعرفة مدى صحة الأخبار المتداولة عبر المواقع الإلكترونية، ثم يعود إلينا وهذا ما كان. وشدد قسيس على أن النقابة لم ولن تقصر في واجباتها تجاهها.
يغيب ابنها الصحافي ربيع دمج عن السمع، ولا يجيب على هاتفه. ترد إحدى الصديقات على هاتفه لتؤكد أنه "ليس قادراً على التكلم مع أحد، فهو شبه منهار". ليس مستغرباً أن يكون أقرب المقربين إليها منهاراً، فعشاق هذه المرأة الرائعة هم جمهور طويل وعريض أحبوها خلال سنوات عطائها، هؤلاء هم كل من عشق حضورها على الشاشة، وشاهد مراراً وتكراراً مسلسل "المعلمة والأستاذ" الذي غاب عنا معظم أبطاله في السنوات الماضية ومنهم ابراهيم مرعشلي وهند أبي اللمع وليلى كرم وشفيق حسن وحتى مخرجه أنطوان ريمي، ثم مسلسل "الدنيا هيك" للكاتب محمد شامل والمخرج ألبير كيلو، وبطولة نخبة من الممثلين الذين رحلوا عنا أيضاً بينهم فريال كريم، ماجد أفيوني والياس رزق.
نجمة مسرح شوشو التي شاركت حسن علاء الدين مسرحياته في الستينيات والسبعينيات ومنها «أستاذ شوشو» و«فرقت نمرة»، و«كافيار وعدس»، لم تفارق الضحكة وجهها حتى في عز المرض، لكنها اليوم تعيش في غيبوبة، ولم يعد يفيد العتب على دولة أهملتها ولم تسأل عن حالها ولا عن حال العشرات من الفنانين الذين ماتوا على أبواب المستشفيات. أما في نفسها، فتفتقد أماليا طبعاً أصدقاء وزملاء لا يسألون عنها، وتصرخ في خلدها "آخ يا بلدنا".