يبلغ مهرجان «كابريوليه» للأفلام القصيرة هذه السنة عامه العاشر. رسّخ المهرجان اللبناني حضوره من خلال تقديمه التجربة السينمائية في الهواء الطلق على شاشة كبيرة تتصدّر درج مار نقولا في الجمّيزة (بيروت). استطاع المنظمون أن يقيموا هذه التجربة في مدينة جبيل في بعض الدورات الفائتة، لكن المكان الأوّل بقي في العاصمة اللبنانية، حيث انطلقت فعالياته سنة 2009. الدورة العاشرة التي تستمرّ بين الثامن والعاشر من شهر حزيران (يونيو) الحالي، تجمع 47 فيلماً قصيراً من العالم تحت ثيمة «الحريّة».
ندى أبو فرحات على ملصق المهرجان

تتناول الأعمال المشاركة موضوع الحريّة بمعناها الشامل والفردي، عبر أنماط تراوح بين الوثائقي والأنيمايشن والروائي.
تطاول الحريّة العلاقات العائلية والداخلية، وموضوع التقدّم في العمر. من ناحية أخرى، يصعب تحييد هذه الثيمة عن الأزمات والتحوّلات السياسية والأنظمة الديكتاتورية كما في بعض الأفلام التي تتناول مواضيع اللجوء والهجرة والحكم الفاشي، والعنف العربي اليومي والقضيّة الفلسطينية والحدود. كل هذه القضايا سنشاهدها بعدسات مختلفة آتية من إسبانيا وإيران ولبنان وإيطاليا وفرنسا والبرازيل وسويسرا والأرغواي ورومانيا وأميركا وغيرها، ما يجعل من المشاهدة رحلة تتنقل بنا بين البلدان وخصوصياتها الثقافية والفنيّة. هنا نعرض مجموعة من الأفلام التي ستعرض على مدى ثلاثة أيّام.

* مهرجان «كابريوليه» للأفلام القصيرة: بدءاً من اليوم حتى 10 حزيران (يونيو) ـــــ درج مار نقولا (الجمّيزة ــ بيروت). للاستعلام: 01/322744


الجمعة 8 حزيران (يونيو)
«فتيات إيطاليّات يافعات» لليتيزيا لامارتيري


تقتطع المخرجة الإيطالية ليتيزيا لامارتيري مرحلةً من التاريخ الإيطالي في فيلمها «فتيات إيطاليّات يافعات» (17 د ــ 2017) الذي يبدو استعارة عن إيطاليا في مواجهة الحكم الفاشي. تجري أحداث الشريط خلال فترة الحكم الفاشي عام 1943، بعد صدور قرار يقضي بمنع تصنيع الألعاب. هناك فتاة فاشيّة تدعى إيطاليا تأخذ على عاتقها تحدّي هذا القرار خلال مسرحية في المدرسة، ما يضع والدتها في موقف حرج تضطرّ فيه إلى الاعتذار والتنازل كي تصلح ما قامت به ابنتها.

MAMON لآلي دامياني


يعدّ MAMON، صورة أبوكاليبتية مكثّفة عن تصريحات وقرارات دونالد ترامب العنصرية ضد المهاجرين من كافّة الجنسيات في أميركا. يبدأ المخرج الأرغواياني آلي دمياني شريطه (5 د ــ 2016) الساخر بمشهد لتساقط المهاجرين وراء جدار الفصل الهائل بين أميركا والمكسيك، يقتطعون من حيواتهم وأشغالهم ليجدوا نفسهم في أرض قاحلة في المكسيك، بعدما تلقي بهم آلة عملاقة على شكل الرئيس الأميركي الذي يخضع في الوقت نفسه لعمليّة جراحية في القلب.

«ستارة» لسارة مزهر


بعد مشاركته في قسم الأفلام القصيرة في «مهرجان كان السينمائي»، يعرض فيلم «ستارة» (15 د ــ 2017) للمخرجة اللبنانيّة سارة مزهر. يتبع الشريط فرقة «الوليد» المسرحية التي يُقتل مخرجها المسرحي التونسي خلال التحضير لأحد العروض. حريّة التعبير والحراكات التي شهدها العالم العربي أخيراً هي بعض الثيمات التي يتناولها العمل. هكذا تتبقى خيارات قليلة أمام الفرقة، التي تتولّى واحدة من عضواتها وتدعى أروى، متابعة التحضير للمسرحية وسط ضغوط كثيرة تتعرّض لها.

«وراء البحار» لهارديان بونيه وأدريان كال

يعتمد المخرجان الفرنسيان هارديان بونيه وأدريان كال على الاشتغال التقني في شريطهما الأنيميشن المشترك «وراء البحار» (3 د ــ 2017). لا يرتكز الفيلم القصير إلى الحبكة القصصية بقدر تركيزه على الجانب البصري الذي يشكّل صورة متحرّكة للقاء بين صبي وفنانة ترسم البحار. بعيداً عن الإطار الجمالي للوحات الفنّانة، فإن البحر يعيد إلى الصبي المجهول صوراً قاسية تتمثّل في مراكب المهاجرين وسترات برتقالية لا قدرة لها على الحماية من الغرق دائماً.


السبت 9 حزيران (يونيو)
«روزاريو» لمارلن ريوس _ فرجات


يحمل «روزاريو» (10 د ــ 2016) اسم بطلة الفيلم الذي أخرجته المكسيكية مارلين ريوس _ فرجات. تضع المخرجة بطلتها في ظروف ضاغطة تتمثّل بمرض زوجها أولاً. لكن بموازاة صراع أنطونيو بين الحياة والموت، تواجه روزاريو صراعاً آخر بين واجبها كزوجة وبين رغباتها التي لا تنفكّ تدعوها مع مرور الوقت. يهيّئ الشريط الدرامي القصير مجموعة من المواجهات أبرزها تلك التي تجمع زوجين في علاقة استنفدت نفسها منذ زمن.

Are You A Volleyball ? لمحمد بخشي


هناك سوء تفاهم يطبع علاقة المهاجرين العرب الجدد مع سكّان البلاد الذين يتكلّمون اللغة الإنكليزية. يتواجهون كلّ يوم مع عناصر قوى الأمن الذين يحرسون الحدود والمعابر. يستوحي المخرج الإيراني محمد بخشي أحداث فيلمه الروائي القصير (14 د ــ 2017)، من قصص اللاجئين الهاربين من الحرب والقتل في بلادهم ومن ضلال طرق النجاة. في هذه العلاقة المضطّربة بين الجماعتين، التي تعيقها اللغة بشكل أساسي، يأتي الحل عن طريق صبي أبكم وأصمّ يبتكر طريقة للتواصل بينهما.

«العراك الصالح» لبن هولمان


ينقل المخرج البريطاني بن هولمان عنف ريو دي جينيرو إلى شريطه التسجيلي «العراك الصالح» (15 د ــ 2017). يخسر البطل آلان عدداً كبيراً من أفراد عائلته في نزاعات ومواجهات تجارة المخدّرات، لكنه يقرّر أن يبني عراكه الجيّد من خلال افتتاح نادٍ للملاكمة أمام فتيان المدينة كمهرب من العنف اليومي. يستند الفيلم إلى تجربة حقيقية، تعود إلى 2015، السنة التي افتتح فيها آلان دوارتي ناديه بإمكانيات ماديّة ضئيلة وبعدد من قفازات الملاكمة، سعياً إلى التغلّب على الظروف القاسية التي فرضت عليه.

4 Beats لنتاليا بيارفينشنزي


مرحلة التقدّم في العمر وما تحويه من إحساس بالضيق والفراغ هي ما يواجهها بطل فيلم 4 Beats للمخرجة الإيطالية نتاليا بيارفينشنزي. في شريطها القصير (11 د ــ 2017)، يعيش رجل مسن بمفرده، لكن ذكريات كثيرة تخرج من الماضي لتعكّر عليه هذه الوحدة في الشارع وغرف البيت الفارغة وأمام البيانو. تصقل بيارفينشنزي فيلمها بمشاهد هي الرديف البصري للوحدة والعزلة التي تبتلع الرجل، حيث أرائك المنزل والطاولات مغلفة بالأغطية البلاستيكية وحيث الشباك يلوح كمهرب وحيد.


الأحد 10 حزيران (يونيو)
«عبور» لدانيا شرباتي


في شريطها الدرامي «عبور» (15 د _ 2017) الذي شارك في «مهرجان كان السينمائي»، تمزج المخرجة دانيا شرباتي النكسة العائلية مع الحلم الأشمل برؤية فلسطين. يتبع الفيلم حياة عائلة فلسطينية لاجئة في لبنان، تجد نفسها أمام خيارات ضئيلة مع مرض أكبر أفرادها وتدعى اعتدال. ثمّة وقت قليل متبق من حياتها، ما يدفع لانا ووالدتها إلى اصطحاب اعتدال في رحلة إلى أرض مجهولة هي أرض الأحلام التي تتوق إلى رؤيتها قبل رحيلها.

«بلوز اللاجئ» لستيفان بوكاس وتريستان داوز


يحمل الشريط (6 د ــ 2016) عنوان قصيدة «بلوز اللاجئ» للشاعر الإنكليزي و.هـ. أودن كتبها عام 1939. تمتزج مقاطع من القصيدة مع لقطات من غابات كاليه خارج مخيمات اللجوء هناك. يعدّ الفيلم الذي أنجزه ستيفان بوكاس وتريستان داوز قصيدة سينمائية تتداخل فيها مشاهد للاجئين ولظروفهم القاسية واحتجاجاتهم واشتباكاتهم مع عناصر الشرطة الفرنسية. لا حاجة لقول شيء أكثر مما تقول المشاهد وحدها، خصوصاً أنها لقطات تنحو إلى الحميمية بعيداً عن صور الإعلام.

ِApnoe لبول هورن وهارالد هند


يعدّ Apnoe الجزء الأخير من ثلاثية «الجاذبية» للثنائي بول هورن وهارالد هند. ليس هناك ما هو استثنائي في الأفعال اليوميّة التي يقوم بها أفراد عائلة بيرجر في الشريط الروائي (10 د ــ 2011). كل شيء يسير على ما يرام لكن داخل فضاء مضطرب وغارق في المياه. يشاهدون التلفزيون ويشذب الأب لحيته، ويأكلون ويبادلون الأحاديث لكن بعيون مفتوحة. كل هذا يمنح هذه الحياة بعداً عبثياً وفكاهياً حيث لا تتوقّف عن المضي قدماً رغم غرقها في المياه.

«سمكة بيضاء» لرضا غولشين


يلجأ المخرج الإيراني رضا غولشين إلى التكثيف البصري في فيلمه «سمكة بيضاء» (دقيقة ــ 2014). يحوي الشريط مشهداً واحداً متواصلاً لأسماك تقفز داخل شباك منصوب في البحر. على مدى دقيقة، تحاول الأسماك، من دون جدوى، الخروج من الشباك إلى أن تتمكّن واحدة منها من النفاذ والعودة إلى مياه البحر. يبدو العمل كاستعارة عن أنواع كثيرة من السجون التي تكمّ أرواحنا كل يوم مثل الأنظمة السياسية والاقتصادية، وحتى القيود الذاتيّة التي تشلّ حركة الإنسان.