بيروت ــ «الأخبار» تستحق مجلة «كيكا» أن نحتفي بها، فالمجلة الفصلية التي بدأت الصدور قبل عام ونصف تقدم في كل عدد من أعدادها مجموعة من الأسماء والنصوص والترجمات التي تسعى إلى أن تكون جديدة ومعاصرة وإشكالية. المجلة هي الابنة الورقية لموقع «كيكا» الإلكتروني الذي استقطب لأكثر من عشر سنوات كتابات ومقالات ونصوصاً من الكتاب العرب في الداخل والشتات، وساهم في خلق فضاء افتراضي حقيقي لتلاقي أسماء من أجيال وجنسيات مختلفة.

لا تختلف النسخة الورقية كثيراً عن صيغة الموقع الذي انطلقت منه وباسمه. الروحية التي حكمت النشر في الموقع مستمرة في المجلة التي يمنحها صدورها عن «دار الجمل» إشارة أخرى إلى جديتها وحساسيتها كمشروع يتسع لتقديم نصوص ومواد وتغطيات أجنبية أو ذات سياق يتدخل فيه الآخر كما هي الحال مثلاً في المادة الافتتاحية الشيقة للعدد الجديد (السادس) التي كتبها الروائي العراقي المقيم في برلين حسين الموزاني بعنوان «الأم واللغة والوطن».

تقديم نصوص أجنبية ليست في واجهة ما يراه القارئ العربي

المواد المترجمة تحتل غالبية صفحات العدد، كما كانت تحتل صفحات الأعداد السابقة، وبهذا المعنى فإن الكاتب العراقي صموئيل شمعون (محرر المجلة) يقترح صيغة مكملة لما تقوم به مجلة «بانبيال» التي تصدر بالإنكليزية وتقدم الأدب العربي المعاصر إلى القارئ الأجنبي. لا يزال مبكراً الحكم على «كيكا» الورقية، والقول إنها تقدم الجانب الآخر من صورة الانتقال الثقافي في تقديم الأدب الأجنبي لقارئ الضاد، بعدما سبقتها «بانيبال» بتقريب الأدب العربي لقراء اللغات الأخرى، ولكن، بعد ستة أعداد، يبدو أنها تسير على هذا المنوال. ويمكن لتصفحٍ سريع لمواد العدد الجديد أن ننتبه إلى خيارات التنوع والنوعية التي تضمها الأسماء المختارة، حيث تراهن المجلة منذ بدايتها على تقديم نصوص أجنبية ليست بالضرورة في واجهة ما يراه القارئ العربي، كما تهتم بأن تكون هذه النصوص مجلوبة من لغات وثقافات جانبية وغير أساسية بحكم لغتها الأصلية. هكذا، نقرأ مثلاً: قصة «وحدة عداء الماسفات الطويلة» للكاتب البريطاني ألن سيليتو (ترجمة: كريم جواد) إلى جانب قصة «الكلاب الضالة» لللبناني/ الكندي راوي الحاج (ت: محمد حبيب)، ونص كتبه الياباني نوبو آكي نوتوهارا بالعربية مباشرة بعنوان «ذلك الطِّليّ خارج السياج»، وقصة «مرح طوال الليل» للكورية غونغ سان- أوك (ت: خالد الجبيلي)، وقصائد للإسبانية استير رامون (ت: أحمد يماني)، وقصصاً لمحمود شقير ومحسن الرملي وشكري المبخوت، إلى جانب نصوص وترجمات أخرى، ومراجعات وتغطيات وألبوم فوتوغرافي لعدد من الكتاب العرب والأجانب.