في 3 كانون الثاني (يناير) 1938، أطلقت للمرة الأولى خدمة «بي. بي. سي.» الإذاعية باللغة العربية في مبنى «بوش هاوس» التاريخي. وقتها، خرج أحمد كمال سرور، عبر الأثير، ليقدم أول نشرة أخبار بالعربية على الإذاعة العريقة. بعد 80 عاماً، تعود الإذاعة اليوم الى هناك، لتحتفي هذه المرة بعيدها الثمانين، عبر بث يستمر ساعتين، مباشرة عبر الأثير، تحت شعار: «ثمانون عاماً... ثقتك في محلها».عند الساعة الخامسة بتوقيت بيروت، سيعود نجوم الإذاعة، وعدد كبير من الأسماء اللامعة داخلها، وموظفوها السابقون، الى الواجهة، أمثال سامي حداد الذي انضم اليها في الستينيات، وسلوى الجراح (الصورة) التي دخلتها في حقبة السبعينيات. سيشارك هؤلاء في نقاش حول تاريخ «bbc عربي»، وتطور خدماتها، من الإذاعة إلى التلفزيون وصولاً الى الإنترنت، ودور الإذاعة مستقبلاً. يقام ذلك في إطار تفاعلي يشارك فيه الجمهور، سيّما ذاك الذي رافق الإذاعة وعاصرها منذ البدايات، عبر استذكار أبرز محطاتها. وينضم اليه جيل الشباب الجديد. سيشارك هؤلاء في حوارات هذه الاحتفالية، ويُستمع الى وجهات نظرهم، الى جانب الوجوه الجديدة في الشبكة البريطانية، الذين انضموا حديثاً إلى العمل فيها.

قبل هذا الموعد، سيخصص برنامج «نقطة حوار» (16:00)، نقاشاً حول تطور وسائل الإعلام والإنترنت، ودور الإذاعة في ظل هذا التقدم التكنولوجي، يبث على وسائط التلفزيون، والإذاعة والإنترنت. تحت هاشتاغ «#BBCARABIC80»، سيتاح التفاعل مع هذه الاحتفالية من قبل مشاهدي ومستمعي «bbc عربي» التي دأبت في السنوات الأخيرة على توسيع خدماتها الرقمية، وضخّ مروحة برامج تستهدف جمهوراً أوسع، خاصة في شمال أفريقيا والخليج.

الإذاعة العريقة شهدت أحداثاً تاريخية مفصلية، لعلّ أبرزها خطاب الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز، عام 1945، وإعلان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس (1956)، واللقاء الإذاعي الذي أطل به في ذاك العام، إبان العدوان الثلاثي على مصر. ومن المحطات أيضاً مقابلات مع الملك الأردني حسين عام 1979، ومعمّر القذافي في العام نفسه. كل هذا الأرشيف العريق ظل في ذاكرة جمهور عربي واسع، ما زال مخلصاً لهذا الأثير رغم التحولات التكنولوجية الاتصالية الهائلة.
احتفالية الشبكة البريطانية الناطقة بالعربية تحيلنا الى طرح النقاش المتعلق بالإذاعة والزمن الرقمي اليوم، واستمرارية هذا الوسيط، وتحدياته في عصر الصورة ومواقع التواصل الاجتماعي. رئيس تحرير إذاعة «بي.بي.سي. عربي»، عادل سليمان يجيبنا عن هذه التساؤلات بإعادة التأكيد أن الإذاعة ــ عكس ما يعتقد ــ تتمتع «بدور متنام» في المنطقة العربية، كوسيلة تبعث المتعة والمعرفة، سيما لـ«الأجيال الجديدة» التي تتوق الى معرفة ما يحدث في محيطها، وأيضاً الى التعبير عن ذاتها.

الإذاعة التي يشهد دورها تنامياً مطرداً في المنطقة، مع طفرة إنشاء الإذاعات الخاصة والتجارية، مضطرة اليوم إلى سلوك طريق الرقمنة، التي تتيح لها انتشاراً أوسع، إضافة الى وصولها الى الجيل الشاب بقصد الترفيه والحصول على المعلومات. ولهذه الغاية، يضيف سليمان: «حظي هؤلاء بخدمة «هنا لندن» على موقع الإذاعة، الموصول مباشرة بمواقع التواصل الاجتماعي».
التفاعل والوصول الى شرائح شبابية، عبر الوسائط التقنية، قد لا يكونان كافيين؛ فالعمل ينصب أيضاً على تقديم محتوى يناسب اهتمام هذه الشرائح وغيرها.
عن هذه النقطة، يشرح لنا أن الجهد الأكبر الذي تقوم به الإذاعة الناطقة بالعربية يركز على «تطوير المحتوى الإخباري والبرامجي»، سيّما في الأعوام الثلاثة الماضية، إذ عمد القيّمون هناك إلى «تقصير الفترة الزمنية للبرامج الإخبارية» الى أقل من نصف ساعة، والتركيز على قصص وموضوعات إنسانية وعلمية تهم شريحة الشباب، وتسمح لهم بالمساهمة، أحياناً، في صناعة هذا المحتوى الإذاعي.
الى جانب نقاش المحتوى، يكشف لنا سليمان عن مشروع تحويل استديوات الإذاعة لتصبح كلها مصوّرة بشكل تام، كما عن إطلاق قريب لشبكة برامجية جديدة تركز على التفاعل مع الجمهور، إضافة الى الإفادة قدر الإمكان من الوسائل التكنولوجية الاتصالية، كالبثّ الحي على المنصات الاجتماعية، لتعزيز أكبر لحضور الإذاعة البريطانية.